للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن قلت: هلا قيل: عضوا عليكم أناملهم، فالجواب: أنه إشارة إلى شدة غيظهم، وشغل بالهم بحيث يعضوا على أناملهم وأنامل غيرهم.

قال ابن عطية: وواحدة الأنامل أنملة بضم الميم وفتحها والضم أشهر، ونقل بعض الطلبة، إن القاضي ابن حيدرة كان يقول: الفتح أشهر، وكذا قال ابن عرفة في كتاب الجنايات في المدونة.

قال ابن عطية: عض الأنامل إشعار بغيظ النفس، كما أن قرع الأسنان إشعار بالندم.

قال ابن عرفة: وقال الشهرستاني في أول كتابه نهاية الإقدام: لعمري لقد طفت المعاهد كلها، وقلبت طرفي بين تلك المعالم فلم أر إلا واضعا كف حائر على لحية، أو قارعا من نادم.

قال ابن عرفة: وكان الفقيه أبو علي عمر بن خليل، وغيره ينتقدون عليه قوله: واضعا كف حائر، قالوا: فإن هذا إبطال لمذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري، والأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني، والقاضي أبي بكر الباقلاني، وأكثر أهل السنة لاقتضاء أنه حائر لم تقف على حقيقة أمر بوجه.

قوله تعالى: (قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ).

قيل: إنه خبر كقوله تعالى: (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ)، وكقوله تعالى: (قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا) هو أمر المراد به الخبر، وقيل: إنه دعاء.

ابن عرفة: والظاهر أنه خبر؛ لأنه مستقبل، أي يموتون بغيظكم، وليس الموت من فعلهم حتى يؤمرون.

قوله تعالى: {إِنَّ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ ... (١٢٠)}

قال ابن عرفة: لما تضمن الكلام السابق الإخبار سالم المنافقين من المؤمنين في حال غيبتهم عنه عقبه بما يدله على فاعلهم منهم مطلقا في الغيبة، والحضور وكفى بالحسنة على الملائم بالسيئة على الشيء المؤلم، وأورد الزمخشري: أن لم ذكر السن في الحسنة والإصابة في السيئة؟ فأجاب بجواب لَا يقتضي، وأجاب ابن عطية: بأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>