قال ابن عرفة: يدخل فيه المفتي إذا أفتى بما لايعلم والقاضي إذا حكم بما لايعلم فإنه قال على الله ما (لا) يعلم.
قيل لابن عرفة: يؤخذ منه أبطال العمل بالقياس؟
فقال: أما من لا يقول به فظاهر وأما من يقول به فمقدمات القياس ظنية فتكون (النتيجة) ظنية، لكن يلزم عليه إبطال العمل بجميع الأحكام الشرعية، لأنها كلها ظنية فليس المراد العلم الحقيقي بل ما عليه الظن.
قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتبعوا مَآ أَنزَلَ الله ... }
(قال) ابن عطية/: يعني كفار العرب، قال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما: نزلت في اليهود وقال الطبري: الضمير في (لهم) عائد على النّاس في قوله {ياأيها الناس كُلُواْ} وقال ابن عرفة: وهذا بناء على أن ذلك الخطاب خاص بكفار قريش.
وقال الزمخشري: الضمير للناس (وعدل) عن الخطاب إلى الغيبة التفاتا.
ورده ابن عرفة بوجهين:
- الأول: أنه يحتاج إلى تخصيص عموم الناس بكفار قريش.
-
الوجه الثاني: أنّ الأول أمر وهذا خبر فبيعد فيه الالتفاف.
قوله تعالى: {قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَآ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ}.
«بَلْ» هنا عاطفة، والإضراب (بها هنا) للانتقال لا للإبطال لأنه أي الإبطال: لا يشترط فيه أن يكون ما قبلها وما بعدها من لفظ متكلّم واحد حقيقة أو حكما، وليس هو كذلك هنا فإن المعنى قالوا: بل نتبع.
وقوله: {مَآ أَلْفَيْنَا} قال ابن عرفة: كان بعضهم يقول: إنما لم يقولوا ما وجدنا عليه آباءنا ولو كان المعنى واحدا لأن الوجدان يكون اتفاقيا على غفلة (من) غير (قصد) ومنه وجدان الضالة.
«وألفينا» يقتضي وجدان ما كان ثابتا دائما مستقرا.
قال ابن عطية: الآية دالة على ابطال التقليد، وأجمعت (الأمة) على إبطاله في العقائد. وحكى الأستاذ أبو اسحاق الإسفراييني الإجماع على جواز التقليد في العقائد.
وحكى المقترح في شرح الإرشاد ثلاثة طرق منهم من ينقل الإجماع (على الجواز ومنهم من ينقل الإجماع) على المنع، ومنهم من يحكي الخلاف بين الشيخ القاضي (أبي بكر الباقلاني) والأستاذ أبي إسحاق الإسفرائيني وتوقف ابن العربي، وأجمعوا على أنّ الفرض من أصول الدين معرفة الله تعالى على الجملة، وأما معرفة دقائق ذلك العلم والتبحر