للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفيما تقدم بالصدقة وطريق المقابلة واللّف والنشر العكس. لكن الجواب لما كان ذكر الصدقة قد يطول الكلام فيه قدّم الكلام (على) الربا ثم عاد إلى الصدقة.

فإن قلت: هلا قيل يمحق الله المال الذي فيه الرّبا فهو أبلغ في التخويف لأن محق المال الذي فيه الرّبا أشد لاستلزامه محق الربا وزيادة؟

فالجواب: أن هذا (أجلى) من محق الربا والمخاطبون عوام.

قوله تعالى: {والله لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ}.

قال ابن عطية: يحتمل أن يريد: والله لا يحب توفيق الكفّار الأثيم. قاله ابن فورك.

ابن عطية: وهذا غير صحيح لأن الله تعالى يحب التوفيق على العموم (ويحببه).

قلت: وسمعت القاضي أبا العباس بن حيدرة والمفتي أبا القاسم الغبريني يقولان: هذه نَزْغَةٌ اعتزالية غفل فيها واعتزل من حيث لا يشعر، بل الله يحب الخير والشر تعالى أن يكون في ملكه ما لا يريد والرجل سني لا شك في فضله ودينه.

قال ابن عرفة: إن قلنا: إن نقيض المستحب مكروه فالمعنى ظاهر وإن قلنا: إن نقيضه غير مكروه فهلا قيل: والله يكره كل كفار أثيم، لأن نفي المحبة أعم من الكراهة وعدمها.

قال: وعادتهم يجيبون بقول العرب في المدح (التام) حبذا زيد. (وفي الذم التام لا حبذا زيد) فنفي المحبة عندهم يستلزم الكراهة.

فإن قلت: هلا قيل: والله لا يحب كل (كافر) أثيم فهو أبلغ؟

قلت: إنه لما كان النفي أخص كان (المنفي) أعم.

قوله تعالى: {إِنَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات وَأَقَامُواْ الصلاة وَآتَوُاْ الزكواة لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ ... }.

قال هنا: «لهُمْ أجْرُهُمْ» وقال فيما سبق: {فَلَهُمْ أجْرُهُمْ} لوجهين:

الأول: أن السّابق (أكمل) وأبلغ لقوله: {الذين يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُم بالليل والنهار سِرّاً وَعَلاَنِيَةً}، فأكّده بالسرّ والعلانية وهنا لم يؤكده كذلك.

قيل لابن عرفة: الأعمال الصالحة تشتمل على النفقة وغيرها؟

فقال: تستلزم مطلق النفقة وتلك نفقة خاصة.

<<  <  ج: ص:  >  >>