يؤخذ من هذا منع تكلم الإنسان في شيء بما لَا يعلم كما في قوله تعالى:(بَل كَذبُوا بِمَا لَم يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ) قال: وحكى لنا شيخنا القاضي ابن عبد السلام: أنه رأى في سوق الكتبيين بتعلب، وعلى عامره بخط مسيري أبي علي عمر القروي في اليوم الفلاني، في مسألة من النحو مع الطلبة وهو غير ضابط لأصولها.
ابن عرفة: ظاهر هذا أنه تكرار وليس بتكرار، بأن ما تقدمه للاستدلال على بطلان مقالة اليهود والنصارى فيه أنه كان على دينهم، وذلك في قوله تعالى:(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ) إن هذا بعد كالنتيجة بعد المقدمتين.
قال ابن عطية: وجاء النفي في الآية على ترتيب حسن، بقاء نفس الملل، وقرر الحال الحسنة، ثم بين أن تلك الملل فيها الفساد، وهو الشرك.
ابن عرفة: لم يتضح نكته، الحسن في ترتب ذلك، وعادتهم يقررونه بأن دين اليهود والنصارى كلاهما له مزية في مطلق وصف اتباع نبي ودين الإسلام له المزية العظمى يوصف اتباع النبيين، ودين الشرك أقبح الأديان إذ لَا يستند له بوجه فأحرى بحجة وقدم غيره لاشتراكهما في مزية الاتباع، فإن قلت: هلا قيل: (وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا) كما قيل: (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا)، والجواب: أن النسبة تشعر بالاتباع، وإبراهيم عليه الصلاة والسلام كان دينه موافقا لدين محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لأنه كان متبعا له؛ لأنه قبله.
قوله تعالى: {وَهَذَا النَّبِيُّ ... (٦٨)}
قالوا (النَّبِيُّ) إما صفة، أو بدل، أو عطف، ابن عطية: في قوله صفة نظر، قلنا: مشتق من النبأ، أو النبوة.
ابن عرفة: وجرى مجرى الأسماء؛ لأنه بولايته للعوامل والصفة لَا على العامل فلذلك تردد فيه، وقال: فيه نظر، ولم يبينه.
قيل لابن عرفة: في كلامه تضاد؛ لأن عطف لَا يكون إلا بما هو أعرف، والنعت لا يكون إلا بالمساوي، أو ما هو دونه في التعريف، فقال: تلك واحدة، واعتبار إلا أن المراد التعريف النحوي، قلت: قال ابن عصفور في الكبير: هذا الرجل إن كان عطف بيان بالألف واللام فيه للحضور، والأول يفيد الحضور فقط، والثاني يفيده