[وكأنَّ*] الجاري على هذا المعنى أن يقول: لم لم تفعلوا [ما تقولون*]؛ لأنهم قالوا نفعل ونفعل، والجواب من وجهين:
أحدهما: أن العتب على القول يستلزم العتب على الفعل، لأن القول سبب في الفعل، فإِذا عتب على السبب استلزم العتب على المسبب، ومن هذا المعنى مسألة العريش في أكرية الرواحل من المدونة وهي من اكترى دابة ليحمل عليها، من مصر إلى فلسطين [فَانْكَسَرَ الدُّهْنُ*] منها فعثرت بالعريش [وَقِيمَتُهُ هُنَاكَ بِالْعَرِيشِ ضِعْفُ قِيمَتَهُ بِالْفُسْطَاطِ كَيْفَ يُضَمِّنُهُ؟ قَالَ: قِيمَتُهُ بِالْعَرِيشِ*]، وقال غيره: يغرم قيمته بمصر، لأنه منها تعدى.
الجواب الثاني: أن الخطاب فيه رفق بالمؤمنين، وذلك أن الفعل أخص من القول، ولازم الأخص غير لازم الأعم، فلا يلزم من العتب على [الفعل*] العتب على القول.
ابن عطية: المحبة هنا صفة فعل، ولا ترجع للإرادة؛ إذ لَا يصح أن يقع ما يخالفها، ونحن نجد المقاتلين على غير هذه الصفة كثيرا انتهى، العكس كان أولى، لأن صفة الفعل ظاهرة فلو كان المراد به أنه ينصر الذين يقاتلون في سبيله، للزم الخلف في الخبر، لأنا وجدنا بعض النَّاس يقاتل ولا ينصر بخلاف الإرادة، [فإنا*] لَا نطلع عليها ولا نعلمها، فيمكن أن يكون المقاتل مرادا أولا، فإن قلت: إنما مراد ابن عطية أن الإرادة يلزم وقوع متعلقها، فلو كان المعنى أنه إفراد القتال في سبيله للزم عليه الخلف في الجنة، لأن بعض النَّاس لم يقاتل في سبيله بل أكثرهم، قلت: فرق بين القتال وبين إرادته وبين الذين يقاتلون، فجاء معنى الآية إنما أراد من قاتل في سبيل الله فهو مراد الله ومحبوب له كقوله تعالى:(فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ)، أي أراد ثوابه، وفي كلام ابن عطية نظر من وجه آخر أيضا، لأنه قال: أكثر النَّاس يقاتل ولا ينتصر، ثم قال: المراد يقاتلون القتال بالجد والعزيمة، فكل النَّاس أو أكثرهم إذا قاتل بجد وعزيمة ينتصر، وأما قتال المنافقين فليس في سبيل الله.
قوله تعالى:(بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ).
التشبيه بالثبات وعدم الفرار؛ كثبوت البناء، وحمله المفسرين على أن معناه أن يكونوا متراصين كتراص البنيان، وهذا لَا يتصور في [**الحرمات].