قال: أو هنا للتخيير بين إخراجهم من القرية أو عودهم إلى دين الكفر.
قوله تعالى: (أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ).
ولم يقل: مكرهين. لأن الإكراه أعم إذ قد لَا يكون المكره كارها بل راضيا، وهذا قال في الزاني فكره أنه يحد، وهذا مثل ما قال اللخمي في طلاق المكره: أنه يجب عليه أن ينوي أنه لم يطلق، فدل على أنه يكون غير كاره.
قوله تعالى: {الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ (٩٢)}
ابن عرفة: هذا يسمى قلب النكتة؛ لأنهم قالوا: (لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ)، فإن قلت: ما جواب القسم؟ قلت: إنكم لخاسرون سد مسد الجوابين.
وتعقبه أبو حيان وتعقبه غير صحيح؛ لجواز أن يكون مراد الزمخشري سد مسدهما أن الشرط وجوابه في موضع جواب القسم.
قوله تعالى: {فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ (٩٣)}
المراد به الكفر الأخص وهو تكذيبه في تبليغه ونصحه.
قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا ... (٩٤)}
تقدم أن الرسول أخص من النبي، وهو المأمور بالتبليغ، والنبي ينزل عليه لكنه لم يؤمر بتبليغ ما ينزل عليه، ووقع في كلام الغزالي: أن الرسول أعم من النبي؛ ذكره في بداية الهداية وصرح به ابن عطية هنا وهو خطأ.
قوله تعالى: (إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا).
حال إلا منتقمين منهم.
قوله تعالى: (لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ).
الرجاء بلعل مصروف للمنزل إليه؛ أي ليحصل لنبيهم المرسل إليهم.
قوله تعالى: {فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (٩٥)}
قال ابن عرفة: هذا تأسيس لأن الأخذ بغتة هو الأخذ على غرة وغفلة من غير أن يتيقن لهم علم بالأخذ والشعور وهو مبادئ العلوم، فأفاد أنهم لم يتقدم لهم علم بذلك ولا مبادئ العلم به، فأخذوا من غير علم لهم بالشيء، ولم يقل: بما كانوا يكذبون؛ لأن الكسب أعم، ولتناول الآية سبب تكذيبهم وما نشأ عنه؛ لأن الكسب مشتمل على التكذيب وغيره لأنه يتناول عمل النفس وعمل الجوارح.