للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.

قال ابن عطية: الترجي مصروف للمخاطب أي (عَفَوْنَا) (عنكم) لتكونوا بحيث (يترجى) المخاطب (بها) شكركم عليه.

وفسره الزمخشري على مذهبه بالإرادة.

قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ موسى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم ... }

الظلم هنا المراد به الكفر لتقيّده (باتخاذ) العجل. قال الله تعالى: {إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} وقال جلّ ذكره: {الذينءَامَنُواْ وَلَمْ يلبسوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ} هو مطلق فلذلك أشكل على الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم، وَقَالوا: أيُّنَا لم يلبس إيمانه بظلم؟

قال ابن عرفة: وقدم المجرور هنا على المفعول، والأصل تأخيره عنه، ولا (يقدم) إلا لنكتة (تتوخى) والحكمة في ذلك أن النداء إقبال على المنادى، وتخصيص له فلو قيل: (وإذ) قال موسى: يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم لقومه. لما كان

لقومه فائدة بخلاف قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ موسى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ} فإن تقديم المجرور هناك (بمعنى) آخر وهو الاعتناء بالمقول له وتشريفه، والاهتمام به وتخصيصه بتلك المقالة دون غيره، وبين (بقوله): {ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُم} أن الله تعالى منزه عن أن يناله شيء من ظلمهم، وإنما ضرر ذلك راجع (إليهم).

قال ابن عرفة: وهذا (يشبه المحدود)، فإنه لا تنفع فيه الشفاعة، ولا (تسقطه) التوبة كما قال الإمام مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْه في المحارب: إذا قتل (أحدا) فعفا عنه وليه، أنّ الحد لا يرتفع لأن الحق لله تعالى، فلذلك قال: {فاقتلوا أَنفُسَكُمْ} وهذا بيان للتوبة، (و) الفاء (للتسبيب أو للتعقيب).

قوله تعالى: {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ ... }

الإشارة

إلى التوبة بشرطها، وهو القتل، و (خير) هذا إما (فعل)، لأن (ضده) وهو عدم التوبة لا خير فيه، أو أفعل مِن، لأنّ ضده المشارك له في مطلق الخيرية هو التوبة مع علم قتل الأنفس.

قوله تعالى: {فَتَابَ عَلَيْكُمْ ... }

إما علم أنكم تتوبون، وإما على المعنى ألهمكم (للتوبة) أو يسرّها لكم.

قوله تعالى: {إِنَّهُ هُوَ التواب الرحيم}

قال ابن عرفة: الوصف بالرحيم دليل لنا على المعتزلة في إبطال قاعدة التحسين والتقبيح، وأن الله تعالى لا

<<  <  ج: ص:  >  >>