الزمخشري: أي تذكركم بنار الآخرة لتعتبروا، انتهى، إنما المراد أنها تذكركم بوجود الصانع لها ووحدانيته، واتصافه بصفات الكمال، [وكونها*] أخرجها من الشجر الأخضر، وأنها لَا تحرق [بالطبع*]، ولو كانت كذلك لما فارقها الإحراق، ويبعد لما قال الزمخشري: ومثله لابن عطية، لأن الدار الآخرة إنما علمناها، وعلمنا نارها، وعذابها سمعا لَا عقلا، فعبر بالاسم لملازمتهم للمداهنة، ثم قال (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ ... (٨٢) .. ، فعبر بالفعل [لتجدد الرزق*]، وتكرره واختلاف أنواعه.
قوله تعالى: {الْحُلْقُومَ (٨٣)}
ابن عطية: الحلقوم مجرى الطعام، وعند الفقهاء: مجرى النفس فقط، وهي الكرجومة، ومجرى الطعام هو [البلعوم، وهو [**أبو حشيشة]، ويسمونه المريء.
قوله تعالى: {وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (٨٥)}
قيل: أي لَا تبصروننا، وقيل: لَا تبصرون ملائكتنا، قال السلمي في التذكرة: هذه الآية تبطل مذهب المجسمة [لأنا نرى*] أشخاصا متعددين يموتون في مواضع شتى متباعدة في زمن واحد، فلو كان الله تعالى جسما، للزم عليه حلول الواحد في الزمن الواحد في أماكن متعددة، انتهى، ويجاب بلزوم مثله في ملك الموت، لأنه جسم، وهو الذي يتولى قبض الأرواح كلها، والدنيا بين يديه كالطبق بين يدي من يأكل منه.
عبر عنهم بوصفهم، وقال قبلها (فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ)، (وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ)، فعبر عن الفريقين بحكمهم، فهلا قيل هنا: وأما إن كان من أصحاب الشمال، أو نحوه، والجواب: أنه عبر عن الأولين بحكمهم، لأنه لو عبر عنهم بوصفهم [لأوهم أن*] ما رتب على ذلك من الثواب جزاء عما اتصفوا به من الطاعة، ومذهبنا أن الثواب على الأعمال محض [تفضل*] من الله تعالى، وعبر عن هؤلاء بوصفهم إشارة إلى أن تعذيب العاصي عدل، وجزاء عن عمله، فإن قلت: لم قدم التكذيب على الضلال، وقال في أول السورة (ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ)، فقدم الضلال؟ فالجواب: أن الضلال أعم من التكذيب، فيصدق على الضلال عن نفس الحق، [وعلى*] الضلال عن طرقه ودلائله، فبدأ هناك بالأعم