للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عندهم لَا يكون إلا أعم من الخبر أو [مساويا*]، فلا يسمى غير الإسلام دينا، ولا إسلاما بعد نزول هذه الآية، قال تعالى (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا) مسلما فقال: المراد الإسلام اللغوي، وهو [مجرد*] الانقياد، وليس المراد الشرعي بوجه، أو يقال: إن السؤال غير ما قيل؛ لأنه إنما سماه مسلما على مقتضى شريعته، وقد كان دينه إذ ذاك يسمى إسلاما، ولذلك قال (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ... (٣) .. أي من ذلك إما [بلفظ*] التسبيح، أو يجعل على التعزية، والفاء للمصاحبةَ أو للسبب، ابن عرفة: فإِن قلت: الشكر لَا يكون إلا في مقابلة النعمة، والحمد إما قسيمه أو أعم منه، والنصر والفتح المنصوص [عليهما*] نعم عظيمة، فهلا قيل: فسبح بشكر ربك؟ فالجواب أن الحمد صفة من صفات الذات الراجعة لها، وحمد الله لذاته أولى من حمده لفعله، كما أن عبادة الله تعالى لذاته أولى من عبادته لإنعامه، فأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأشرف الأمور، وهو أن [يكون*] تسبيحه مصاحبا لحمده المتعلق بذاته؛ لأنه أهل لأن يحمد، والمراد بالتسبيح خاص بالنبي صلى - الله عليه وعلى آله وسلم من جعل النصر والفتح خاصين له، وأما من جعلهما تامين في كل أمر؛ فالخطاب أيضا بذلك لكل من انتصر وافتتح البلاد.

وقوله تعالى: (وَاسْتَغْفِرْهُ) إن أريد به كل إنسان فهو على حقيقته، وإن أريد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهو على معنى يليق به، باعتبار الانتقال من مقام إلى مقام أعلى منه.

قوله تعالى: (إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا).

ولم [يزل*] والتواب: إما صفة فعل أو صفة معنى؛ لأنه إن أريد به الذي يخلق التوبة لعباده، فهو صفة فعل، وإن أريد به القبول والصفح عن الجرائم المتقدمة فهو حكم شرعي، والحكم الشرعي هو خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين على سبيل الاقتضاء والتخيير، وخطاب القديم الأزلي، فيرجع إلى صفة المعنى، فهو فعلي أو قولي معنوي، يصح الأمران، وقال الزمخشري: إن كان في الأزمنة الماضية مثل خلق المكلفين (توابا) عليهم إذا استغفروه

قال ابن عرفة: وهذا جار على مذهبه؛ لأنه ينفي ما قلنا ولا يثبته، وقال الإمام فخر الدين [ابن*] الخطيب في شرح الأسماء الحسنى: توبة العبد عبارة عن عوده إلى الإحسان اللائق بالربوبية، قال: وقال الخطابي: التوبة تكون لازمة ومتعدية، يقال: تاب الله على العبد أي وفقه للتوبة، كما قال تعالى (ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا)، ويقال: تاب الله عليه، أي قبل توبته، وهي من تسمية الشيء باسم [ملائم يلائمه*].

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>