للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن عرفة: وكان بعض الطلبة، يقول: إطلاق صادق بلفظ اسم الفاعل على الذات حقيقة، وعلى القول مجاز، فيقال: رجل صادق، وقول صادق؛ فإنما الحقيقة قول صادق بوصف المعنى بالمعنى، وظاهر الآية العكس؛ لأنهم قالوا في قوله: مررت برجل حسن الوجه لَا بصفته، فكذلك هذا وصف إسماعيل [بصفة*] وعده.

قال ابن عرفة: وأجيب الفرق بين القول والوعد والصدق ينسب إلى القائل في قوله حقيقة إلى صاحب الوعد مجاز، أو إنما يقال: فلان وفى في وعد أوعدني فأوفى إليَّ؛ فقولك كان هنا مجازا.

قوله تعالى: {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ ... (٥٥)}

إعادة لفظ كان تنبيه على أن كل وصف منها منتقل بالمدح عليه.

قوله تعالى: (وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا).

فيه تشريف له بوجهين:

أحدهما: أن لفظ [العندية*] منسوبة إلى الله عز وجل.

والثاني: وصف الرضا.

قال الزمخشري: أصله مرضو.

وقال ابن عطية: أصله مرضوي، والصحيح ما قال الزمخشري؛ لقوله تعالى: (وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ) فهو من ذوات الواو، ولذلك [لم يُمَلْ*] ورش مرضاة، وأمالها الكسائي.

قلت: قال صاحبنا ابن القصار: اعتبر أصل المادة وهو رضو؛ فجاءت واو في آخر الفعل قبلها كسرة فقلبت ياء؛ لأن مصدره رضوان، وراعا ابن عطية أصل الإعلال؛ لأنه لما أعل [رجع*] إلى الياء، وأصل الإعلال عندهم إنما يعتبر في الفعل.

قيل لابن عرفة: اعتبر ابن عطية في الفعل، وهو رضيت ورضينا.

قال ابن عطية: إنما وصف إسماعيل بصدق الوعد؛ لأنه وعد رجلا أن يلقاه في موضع فانتظره إسماعيل يوما وليلة، وقيل: انتظره سنة.

ابن عرفة: والعجب من الزمخشري على تأخره على ابن عطية كيف لم يذكر القول الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>