(فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) قيل: أي منقادون، وقيل: أي مخلصون.
ابن عرفة: وهو أصوب لأنهم كانوا منقادين غير أن عبادتهم لله [أشركوا*] فيها غيره معه، فطلب منهم إخلاصه لله عز وجل.
قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا ... (١٥)}
ابن عطية: عن قتادة، والضحاك هي خاصة بالكفار، وعن مجاهد هي عامة فيهم، وفي أهل الرياء من المسلمين، قال: فعلى الأول معناه يتعمدها ويقصدها ولا يقصد به، وعلى الثاني معناه يجمعها [ويفضلها*] ويؤثرها على الآخرة.
قوله تعالى: {لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ ... (١٦)}
هو في الأول على ظاهره، وفي الثاني عام باق على عمومه ويكون ليس لهم في الآخرة إلا النار مجاز فيتعارض فيه المجاز والتخصيص، وكان بعضهم يقول: معنى قوله (لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ) أي ليس لأعمالهم جزاء بوجه؛ لأنها أعمال خالطها الرياء فليس لها ثواب بوجه، كقولك: ليس لفلان عندي إلا السيف، وأنه لا تعاقبه، وإنما تقصد عندك أنك لَا تعظم شيء بوجه.
قوله تعالى: (وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
قال ابن عرفة: هذا تأسيس وليس بتأكيد، فقوله (وَحَبِطَ) إشارة إلى ما هو صحيح باعتبار أصله، وعرض له ما أوجب فساده.
وقوله (وَبَاطِلٌ) إشارة إلى ما هو فاسد من أصله، فكذلك أتى بلفظ الاسم، والأول بالفعل هذا كعمل الكافر وعمل المسلم المرائي؛ فمن قوله (أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ ... (١٧) .. والشرعي هو ما دل عليه كتاب موسى.
قوله تعالى: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ).
إن قلت: ما أفاد قوله (مِنَ الْأَحْزَابِ)؟ فالجواب أن فيه [تبكيتا*] على صناديد الكفار كأبي جهل ونحوه، واختار ابن عرفة في (أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) أنها عامة في جميع المؤمنين من الأمم كلهم، فقيل: فكيف يفعل في قوم نوح مع قوله (وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى) فقال: يتلوه شاهد منه هو النبي عليه السلام، ومن قبله عائد على الشاهد لَا على من كان على بينة.
قوله تعالى: (فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ).