قصد الشاطبي؛ لأنه معنى حسي، وإنما قصد الشاطبي التنبيه على قراءة قوله:(وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ)، قلت: إنما يجيء هذا على قضية النون لَا على رفعها.
قال الزمخشري: وعن ابن عباس، أن معاوية قال له: لقد ضربتني أمواج القرآن البارحة فغرقت فيها، فلم أجد لنفسي خلاصا إلا بك. قال: وما هي يا معاوية، فقرأ هذه الآية وقال: أو يظن نبىّ الله أن لا يقدر عليه؟ قال: هذا من القدر لا من القدرة.
قال ابن عرفة: أي من الإرادة، أي يظن أن لن نريد عقوبته.
قال ابن عرفة: وتحمل الآية على ظاهرها؛ لأن إمام الحرمين ذكر في الشامل خلافا هل تتعلق القدرة بنقيض الواقع أم لَا، فذهب أهل السنة المنع، والمعتزلة أجازوه، فنحن الآن جلوس هنا فهل يصح أن يقال: غير قادر على أن يوجدنا في هذا الزمان نفسه في موضع آخر أم لَا؟ أهل السنة منعوا ذلك، والمعتزلة أجازوا إطلاق ذلك، والواقع في الوجود معلوم، والمستقبل مظنون، فإذا كنت ظانا أنك تقوم كدا، وغلب ذلك على ظنك فتقول هذا مذهب المعتزلة أن الله غير قادر على جلوسي غدا، فكذلك يونس عليه السلام، تعلق ظنه لشيء، فظن أن القدرة على نقيضه منفية.
قوله تعالى:(فَنَادَى).
ولم يقل: قال إشارة إلى رفع صوته بذلك، أو إشارة إلى النداء تنبيه من أراد إقباله عليك.
قوله تعالى:(فِي الظُّلُمَاتِ).
دليل على الظلمات أمر وجودي، وجمع الظلمات بناء على أن العرض لَا يبقى زمانين، أو لكون النداء المدة بعد المرة، فكل نداء في الظلمات، أو بناء على الظروف لا بد أن تكون أوسع من الظرف، وفيه دليل على أن الظروف في الظروف في الشيء مظروف في ذلك الشيء؛ لأن يونس نادى في بطن الحوت، والحوت في بطن حوت آخر أكبر منه والحوت الكبير في البحر.