قيل لابن عرفة: إنما خالف الكفار في الحشر من أصله، ولم يقل أحد منهم ممن أثبت الحشر أن غير الله فهو الذي يحشرهم، فأجيب بوجهين:
الأول: الحصر لمطلق الربط مثل:
[هما تفلا في فيَ من فمويهما ... على النابح العاوي أشد رجام*]
قاله الزمخشري في (وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ).
الثاني: أن الكفار لما عبدوا الأصنام كانت عبادتهم لها مستلزمة لاعتقادهم فيها حصول مجازاتها إياهم على ذلك من الثواب أو العقاب، والجزاء إنما هو في الدار الآخرة فكان إثبات الشر له في الحشر لغير الله من لازم فعلهم لَا من نفس فعلهم فلذلك احتيج لأداة الحصر.
قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ... (٧٣)}
ففي جمعه ضمنه أنه خلقكم، قال تعالى (لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ) فكذلك تعلمون أنكم إليه تحشرون فأتت الجملة الثانية دليلا على الأولى.
قوله تعالى: (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ).
ابن عرفة: الباء للمصاحبة أي مصاحبة للجواز.
الزمخشري يناسب أن يكون على مذهبه المسبب؛ لأنه يقول تعليل الأفعال ووجوب مراعاة الأصلح والخفاء في اللغة هو مقرر أمر مطابق للاعتقاد متفقد تقرره، وفي الاصطلاح كذلك بزيادة لمصلحة دينية فينبغي كفر الكافر على الأول حق وعلى الثاني باطل، وهو هنا باعتبار اللغة وقولنا تقرر أمر ليدخل الوجودي والعدمي كقولك دفع النقيضين حق.
قوله تعالى: (قَوْلُهُ الْحَقُّ).
المراد بالحق الصدق الثابت.
قال الزمخشري: وقوله محتمل لأن يكون فاعلا بقوله (فَيَكُونُ).
ورده ابن عرفة بأنه يلزم عليه حدوث القول لكنه جاز على مذهب الزمخشري، قال: وجاوبنا نحن إما أن المراد بقوله (فَيَكُونُ) ظهور ذلك أو المراد متعلق القول لا تفسير القول، قال: وتقدمنا معارضتها، بقوله تعالى: (يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا) ولم يقل: تبدلوا قول الله، ولم يقل هنا: علامة