قوله تعالى: في امرأة نوح وامرأة لوط: (كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا)، بأن كفرتا فقط لولا ذلك ما احتيج إلى قوله تعالى:(فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا).
قال ابن عرفة: إنعام الله تعالى على العبد له اعتباران: تارة يعتبر من حيث كونه واقعا فهذا يسمى تفضلا، وتارة يعتبر من حيث كونه مراداً فهذا يسمى رحمة، كذا كان بعضهم يقول: قال ابن الخطيب: الفضل باعتبار الإمهال في الدنيا، والرحمة باعتبار تخفيف العذاب في الآخرة.
قوله تعالى:(لَمَسَّكُمْ).
قال ابن عرفة: هذا أبلغ من أن يقول: لأصابكم، أو لأنالكم، أو لوقع بكم، لأن المس يقتضي تحقيق الإصابة.
قوله تعالى:(فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ)، الإفاضة: هي استماع الحديث لإسماعه مع الإجابة ومنه المفاوضة.
فعبر بالكلام والقول أعم من الكلام، والقاعدة استعمال الأعم في النفي والأخص في الثبوت، قال: فالجواب: أن الأول في معرض الذم لهم، فذموا على إشاعة مطلق القول الذي يتناول القيد الخاص، وما دونه فأحرى أن يذموا على إشاعة القول المتناول للغيب الأخص، ثم قال تعالى (وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ)، فنفى، ولولا إذ سمعتم هذا القول الخاص سماعا مستكملا لشرائط السماع، قلتم: ما يكون لنا أن نتكلم بهذا فأحرى إذ سمعتموه مطلق سماع، وإن لم يستكمل بعضه أن ترجعوا وتقولوا: لا نتكلم به، قيل له: إنما هذا لو قيل: (وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ) كلاما فيكون في موضع الثبوت، وإنما أتى هنا بالكلام في سياق النفي، ونفي الأخص لَا يستلزم نفي الأعم،