أما على قراءة (قاتلوا) فظاهر، [والمراد*](سَيَهْدِيهِم) لأداء الفرائض (وَيُصْلِحُ بَالَهُم) بأفعال المندوبات، أو (سَيَهْدِيهِم) لطاعته (وَيُصْلِحُ بَالَهُم) بخير ما نقص منها أو تتميم ما بقي عليهم من أفعال البر والإعانة أو بمغفرة ذنوبهم، وأمَّا على قراءة (قُتلوا) فالمراد سيهديهم في الدار الآخرة إلى طريق الجنة بالفعل ويغفر ذنوبهم ويدخلهم الجنة.
قال ابن عرفة: المذاهب ثلاثة: مذاهب المعتزلة أن العبد يخلق أفعاله، وأهل السنة يقولون بالكسب، والجبرية يقولون إنه كالميت بين يدي الفاعل ولا فعل له [بوجه*]، والآية حجة على المجبرة؛ لأنه يلزم عليه أن يكون الشرط غير الجزاء إن ينصركم الله، قال: والجواب: باختلافهما باعتبار المتعلق، أي (إِنَّ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ) في موطن (يَنْصُرْكُمُ) في مواطن أخر، مثل:(هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ)، وإما أن الأول: باعتبار ابتداء القتال والصبر على مشقته، أي تقدموا على القتال أو تصبروا على مشقته يظفركم الله بعدوكم، فالثاني: باعتبار الظفر بالعدو أي إن يخلق لكم القدرة على القتال والصبر عليه يخلق لكم الظفر بعدوكم.
قال ابن عرفة: وتقدم لنا أن القضية الشرطية المتصلة يلزمها منفصلة بالغة الخلو من نقيض مقدمها وعين تاليها، ومانع الجمع من غير مقدمها ونقيض تاليها، فمنع الخلو هنا مقصورتين، وأما منع الجمع ففيه إشكال لأنها لَا تقتضي أنه لَا يجتمع نصرهم دين الله مع عدم نصر الله مع أن ذلك قد وقع في غزوة أحد، وغزوة صفين وغيرها، إلا أن يجاب: بأن يكون النصر في الآخرة باعتبار الثواب، أو النصر مطلقا أي إن تنصروا دين الله مرة ينصركم مرة أخرى فهو مطلق يصدق على تلك المرة وعلى غيرها ويكون ذلك باعتبار الأعم الأغلب.