قال الفخر: احتج بها المعتزلة على أن الشر ليس مخلوقا لله ولا أراده، وأجيب: بأن إسناده للشيطان تأدب منه، وعلى مذهب الأشعري القائل بالكسب كما نقول قتل زيد عمراً وأفاد ذلك من فعل الله، ابن عرفة: وفي هذا احتراس روعي منه [**لستر إخوته] ويحتمل أن يقول بكون قوله (من السجن) تورية وإيماء للجب لصدقه على السجن الحقيقي بالمطابقة وعلى الجب مجازا.
ابن عرفة: إن قلت لم ذكر متعلق لعلم ولم يذكر متعلق الملك، فالجواب: أن الملك كله في نفسه شريف فلذلك لم يحتج أن يقول رب قد آتيتني ملك مصر والعلم منه الشريف والساقط فلذلك ذكر متعلقه، فإن قلت: لم قدم الملك على العلم، والأولى العكس لوجهين أحدهما: أن العلم أشرف لأن الملك أمر [دنيوي*] والعلم موصل إلى الآخرة، الثاني: أن العلم سبب في ذلك لأنه به حصل له الملك وهو تأويله لرؤيا الملك، فالجواب: أنه قصد في الآية التي في ذكر الأوصاف النسبية في محل الشكر أو قدم الملك لأنه نعمة ظاهرة لجميع الخلق، والعلم بتأويل الأحاديث نعمة خفية لم تظهر إلا لبعضهم، إن قلت: لم ذكر هاتين النعمتين في وصف الشكر وترك النعمة العظمى، وهي النبوة وهي أولى بأن يذكرها ويشكر عنها، فالجواب: إنه في مقام النأي به والتعليم لغيره فذكر النعمة التي شارك فيها غيره ليقتدي به من حصل له شيء منها يشكر عليه، وأما النبوة فصاحبها معصوم لَا يحتاج تنبيهه للشكر عليه بوجه.
قوله تعالى:(فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ).
أي مبتدعها، قال ابن عباس: ما كنت أعرف ما معنى (فَاطِرَ) حتى اختصم إلي أعرابيان في بير فقال أحدهما: أنا فطرتها أي ابتدأتها.
قوله تعالى:(تَوَفَّنِي مُسْلِمًا).
قيل لابن عرفة: فيه سؤالان الأول الشيء معصوم [ ... ] على الإسلام وهلا دعا بأن على النبوة؟ فأجاب بوجهين: أحدهما أن الدعاء يكون لوجهين إما لتحصيل المطلوب وإما لإظهار التذلل والخضوع، وذلك فيما هو محقق الوقوع عند الداعي. الثاني أن هذا على سبيل التعليم لغيره، كما قال:[قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ*] وأن