قوله تعالى: {حتى يَقُولَ الرسول ... }.
قرأ نافع، بالرفع.
قال ابن عطية: كأنه اقترن بها (تسبيب)، فحتى (حرف) (ابتداء) يرفع الفعل.
ابن عطية: ظاهره أيضا إذا كان ما قبلها سببا لما بعدها، فالرفع مطلقا وليس كذلك. بل لابد من زيادة كونه ماضيا أو حالا، وأما إن كان الفعل مستقبلا فالنصب ليس إلا، وكذلك جعله الزمخشري حكاية حال ماضية.
قال أبو حيان: وحتى على النصب (للغاية) بمعنى: إلى أن، أو للتعليل بمعنى كي. قال: والغاية أظهر لأن (الضراء) والزلزال ليسا معللين بقول الرّسول والمؤمنين.
قال ابن عرفة: إن اعتبرنا (الزلزال) من حيث نسبته إليهم فليس بعلة، لأنهم لا يتزلزلون قصدا لأن يقول الرّسول والمؤمنون هذه المقالة، وإن اعتبرناه من حيث نسبته إلى الحق سبحانه وتعالى إذ هو الفاعل المختار في الحقيقة فهو علة في قول الرسول والمؤمنين؛ ذلك لأن الله تعالى زلزلهم ليقول الرسول والمؤمنون هذه المقالة. وأبو حيان لما رأى الفعل وهو «زُلْزلُوا» مبنيا للمفعول اعتبر نسبته إليه.
قال ابن عطية: عن طائفة: وفي الكلام تقديم وتأخير تقديره: حتى يَقُولَ الَّذينَءَامَنُوا مَتَى نَصْرُ الله، ويقول الرّسول أَلاَ إنّ نَصْرَ الله قَريبٌ.
قال ابن عرفة: لا حاجة إلى هذا التقديم والتأخير بل هو لف ونشر مخالف جعل فيه أول القولين للقائل الثاني لكونه يليه.
وقوله «مَعَهُ» يحتمل أن يتعلق ب «ءَامَنُوا» أو ب «يَقُول» فإن تعلق ب «ءَامَنُوا» فيكون من جمع القول دون قائله مثل: {وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نصارى تَهْتَدُواْ} فكل فريق دعا إلى دينه وإن تعلق ب «يقول» فيكون من جمع (القائلين وأقوالهم) فيكون الرسول قال المقالتين والمؤمنون كذلك قالوا المقالتين.
قوله تعالى: {يَسْئَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ ... }.
السؤال (يتعدى) للمحسوسات بنفسه، ويكون معموله مفردا مثل: سألته طهورا، أي طلبت منه الماء، وللمُعاين كذلك، ويكون جملة مثل: سألته ماء هو الطهور.
الزمخشري: سألوا عن تعيين المنفق فأجيبوا بتعيين المصرف لاّنه يستلزم المنفق.
قال ابن عرفة: جعل السؤال (هنا) عن حال الشيء ويظهر لي وجه آخر وهو أن السؤال بماذا عن حقيقة الشيء وهي قسمان: عقلية وشرعية.
فالعقلية لا يختلف جوابها بوجه ولا يمكن فيه التحريف، وأما الشرعية فهي أمور جعلية يصح تحريف الشّارع لها عن شيء آخر، فالمراد: يسألونك عن حقيقة الشيء المنفق المحصل للثواب في الدار الآخرة ما هو؟ فأجيبوا بأنه الشيء المنفق على الوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وفعل الخير بالإطلاق.