قلت: لم أنا أكرمك، فهذا جواب خافيه، والآية لَا إشكال فيها على هذا؛ لأنه يقول: إذا فعلت وأنا جاهل فيكون قبيحا له واعتذارا بالجهل. [انتهي كلامه*].
قال ابن عرفة: عادتهم يفرقون بين نعم وإذا، وإن الجائية لازمة لإذا لَا تفارقها، وإنما اختلفوا في كونها جزاء بخلاف نعم، فإنها تارة تكون عدة وتارة تكون تصديقا، قال: وقول ابن الصفار لو كان كما قال الشلوبين لكان [ ... ] بإعادتهم يردون عليه بوجهين:
الأول: مقصودة باعتبار حالها لَا باعتبار ما لها، ولذلك قال الفقهاء فيها: إذا ضرب الأب ولده يلكزه حتى مات أنه يقتص منه، خلاف غير الأب حتى أن بعض الطلبة يغلط ويقول: اللكزة لَا يقتص منها، إذا آلت إلى القتل، وليس كذلك، فقصد موسى الضربة ولم يقصد القتل.
والثاني: أجاب بعض الطلبة: بأنه قصد القتل وظن أنه الحكم، ثم تبين له الحكم بخلاف ذلك.
قال ابن عرفة: وعادتهم يقررون كونها جزاء، فإنها جزاء عن استغاثة من استغاثة من استغاثه، لقوله تعالى:(فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ)، فهي جزاء من استغاثة المستغيث له، قلت: قال صاحبنا ابن القصار: قوله واعتذاره بالجهل جزاء مشكل أن الجزاء غير الفعل، وهو هنا نفس الفعل، والمراد بالضالين إما المخاطبين والنَّاسين والذاهلين عن الصواب، وهذه معان متقاربة.
قال الجوهري في الصحاح: التعبد الاستعباد، وهو أن يتخذه عبدا، وكذلك الاعتبار، وفي الحديث:"ورجل اعتبد محررا"، قلت: أي اتخذ عبدا وهو حر والاعتبار مثله، قال الشاعر:
علام تعبدني قومي وقد كثرت ... فيهم أباعر ما شاءوا وعبدان
قال ابن عرفة: وكذلك التعبد، قال الشاعر:
تعبدني غير ابن سعد قطعته ... وغير ابن سعد لي مطيع ومقطع