فيه سؤال، وهو أن المشبه لَا يقوى قوة المشبه والأول كافر، وهذا كفور، فكيف شبه جزاء الكفور بجزاء الكافر؟ ولا جواب فيه إلا أنه من عكس التشبيه كقوله تعالى:(إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا).
حكى أبو حيان عن بعضهم: أنه بدل من الأول، ورد بأن همزة الاستفهام دخلت على الأول دون الثاني، [ويجاب*]: باحتمال كونه حذف من الثاني لدلالة الأول [عليه*].
ذكر ابن عصفور خلافا فيه يلزم معه تكرار، فأدخل على المبدل منه أم لَا؟
وحكى أبو حيان عن بعضهم أيضا: بدل جملة من جملة.
ورده أبو حيان: بأنه بدل فعل من فعل، ويجاب: بأنهم فرقوا بين بدل الفعل من الفعل، وبدل الجملة من الفعل، وهو إذا كان الفاعل في الفعلين متحدا، إما ضمير متكلم أو ضمير غائب، نحو إن قمت أكرمت زيدا فأتني، أو يكون المفعول متحدا، فإن اختلف الفاعل فيكون في أحدهما ظاهرا وفي الآخر مضمرا، أو يختلف الضمير أو يختلفا في المفعول كان بدل جملة من جملة، مثل إن قمت يخرج أبوك فأتني، وهذان الفعلان وإن اتفقا في الفاعل فهما مختلفان في المفعول.
قال أبو حيان: وأيضا فالبدل على نية تكرار العامل، وهو لم يتكرر هنا انتهى، إنما ذلك إذا كان العامل موجودا، وأما إذا لم يكن ثم عامل فليس ثم ما يكرر.
قوله تعالى:(مَاذَا خَلَقُوا).
قال شيخنا: كان وقع في زمن الأستاذ أبي زكريا يحيى بن فرج النعر نزاع [فيها*].
فقال بعضهم: إنها تقتضي التكثير، واحتج بحديث:"ماذا أنزل الليلة من خير".
وقال بعضهم: إنما يكون التقليل، واحتج بهذه الآية، وهنا إشكال وهو أنها تقتضي أن من لوازم الإله اتصافه بالخلق، مع أن مذهبنا أن الذي من لوازمه اتصافه بالقدرة وصلاحية الخلق لَا اتصافه بالخلق بالفعل، وإلا يلزم عليه قدم العالم، لأن الله تعالى في الأزل لم يخلق شيئا بالفعل، وجوابه: أن الألوهية أمر نظري لَا ضروري، والاستدلال عليها إنما يتم بأثرها، فلذلك قال (أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا)، فمعناه لو كانوا آلهة لظهر لنا أثر قدرتهم، فلما لم يظهر لنا أثر قدرتهم، دل على أنهم ليسوا بآلهة.
قيل: لَا يلزم من عدم العلم بالدليل عدم العلم بالمدلول، أجيب: بأنه كذلك،