ابن عرفة: بل الفرق بينهما أن القياس مستند إلى حكم شرعي معبر عنه مصرح، والاستحسان مستند إلى ذلك لكنه في خاطر المجتهد ولا يقدر على التعبير عنه، فقد خالف بينهما أشهب فجعلهما متباينتين وما قلتموه ليس بمخالفة.
قيل لابن عرفة: وهلا قيل: وأنعام يذبحونها لآلهتهم ويذكرون اسم آلهتهم عليها، فقال: ذموا على الوصف الأعم ليدل على الأخص من باب أحرى.
قيل لابن عرفة: أول الآية حكاية من مقالتهم وآخرها خبر عنهم، لقوله تعالى:(هَذِهِ أَنْعَامٌ)، ثم قال (وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا) فقال: هذا التفات في الأخبار وهذا كثير شائع، وعنه قوله تعالى:(افْتِرَاءً عَلَيْهِ).
قال ابن التلمساني في باب الفتح: اختلف في تكذيب من كذب على الله وأجمعوا على تكفير من كذب على الله تعالى.
ابن عرفة: إن قلت: ما أفاد قوله تعالى: (وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا)، فالجواب أن الأول أفاد وجوده للذكور وبقي الأمر محتمل هو مباح للإناث أم لَا، كما قال مالك: واجب لك ولا يمنع أن تعطيه لغيرك هبة أو صدقة أو تبيعه له.
ابن عرفة: قد يقال: إن أول الآية مناقض لآخرها فأولها مقتضٍ خلوصه للذكور دون الإناث مطلقا، وآخرها يقتضي اشتراك الكل في الميتة منه شركة التساوي، لكن الجواب قوله تعالى:(سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ)، وقال تعالى (سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ)، والجواب بأن الأول راجع للذوات وهذا حكم راجع لأوصاف الذوات؛ لأن الأول (وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ)(لَا يَطْعَمُهَا) فهذا راجع لذوات الأنعام، وقال هنا:(وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ) فهو وصف بالمحرمات، وفي حكمها لقوله (وَمُحَرَّمٌ) والتحريم وصف شرعي، وما في بطون وصف في المحرم، وهناك لم يقل: ومحرم إطعامها، وإنما قال:(لَا يَطعَمُهَا) فناسب الأول لفظ الافتراء، والثاني الوصف.