استحقه كل واحد منهما ونزل به لا يخفف عنه منه بل يخفف عنه بمعنى أنه يعذب عذاب غيره فالتخفيف من عذاب غيره لا من عذابه هو النازل به.
قوله تعالى:{وإلهكم إله وَاحِدٌ لاَّ إله إِلاَّ هُوَ الرحمن الرحيم}.
قال ابن عرفة: الإلاه في اصطلاح المتقدمين من الأصوليين هو الغني بذاته المفتقر غيره إليه، وعند الأصوليين (المتأخرين) واللغويين هو المعبود تقربا، وبه يفهم قوله عَزَّ وَجَلَّ {وَقَالَ فِرْعَوْنُ
ياأيها الملأ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرِي} وقول إبراهيم لأبيه آزر {أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً} وقول الله عَزَّ وَجَلَّ {ءأالهتنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ} قال ابن عطية: ومعناه نفي (المثل) والنظير. وقال أبو العالية:(نفى) التبعيض (والأنقسام).
قال ابن عرفة: فعلى الأول نفي الكمّية المنفصلة وعلى الثاني نفي الكمية المتصلة، ويحتمل الأمرين إن قلنا إن الوحدة ينطلق عليها بالتواطُؤ، وإن كان إطلاقها عليها بالاشتراك فما يتم إلا على القول بتعميم المشترك، وقوله: نفي للتبعيض والانقسام صوابه أن يقول: نفي لقابلية (الانقسام) بمعنى واحد، أي (غير) معروض للانقسام فيخرج الجوهر الفرد لأنه لا ينقسم، لكنه في حيز والحيز منقسم. فإذا قلنا غير معروض للانقسام انتفى الجوهر الذي في الحيز.
قوله تعالى:{لاَّ إله إِلاَّ هُوَ ... }.
(قال ابو حيان:«إِلاّ هو» بدل من اسم «لاَ». ورده المختصر وأنه لا يجوز أن يقال: لا ألَهَ إلا هو.
ابن عرفة: لرده وجه آخر ذكره النحوين وهو أن يكون بدلا من مجموع «لا» واسمها، ومعناه الموجود الذي نفيت الألوهية عن غيره، وأثبت له هو الله.
قلت: قال الاستاذ أبو العباس أحمد بن القصار. هذا ذكره النحويون وعادتي استشكله لأنه يلزم عليه بدل المثبت من المنفي، وكذلك قال سيبويه: لا رجلَ في الدار وامرأةً، بالنصب إنه معطوف على مجموع لا واسمها وكنت أنا أستشكله بأنّ «امرأة» مثبت فكيف يعطف المثبت على المنفي؟ وكان الأستاذ الفقيه أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن قيس يجيبني عنه بأنه معطوف على اسم «لا» فقط، لكنهم لما ركبوا «لا» مع اسمها وصار كجزء واحد، فالعطف عليه كالعطف على خبر الكلمة، كرهوا التصريح بالعطف عليه