ولم يقل: حتى تعلموا ما تتكلمون؛ لأن القول يطلق على اللفظ المركب والمفرد فيتناول المفردات كلها، ابن عرفة: وأخذوا منهم جواز تكليف ما لَا يطاق؛ لأن السكران مكلف حالة السكر، وهو الشرب فنهي عن شرب الخمر إذا أراد الصلاة.
الثاني: الفرق بين ابتداء التكليف وبين استمرار التكليف فإنما ذلك في النهي الابتدائي هو الذي يشترط فيه الإطاقة، وأما النهي المتمادي المستمر فلا يشترط الإطاقة إلا في ابتدائه لَا في استمراره، وقد مثله ابن التلمساني بنهر من على جبل عن الانحدار منه فهو قبل الشروع في الانحدار منهي عن ذلك؛ لأنه قادر عليه وعلى صده، فإذا حصل منحدرا وتوسط الجبل لم يستطع أن يحبس نفسه ولا أن يمنعه من النزول بوجه مع أن النهي عن ذلك مستمر عليه ومتماد.
قال ابن عرفة: وتقدم مضارعة هذه الآية وقضية حمزة لما قال الأصوليون: من حفظ للكليات الخمس وآكدها حفظ العقول والآية تقتضي أن السكر عندهم إنما هو السكر، والفرق بين السكر أن الطافح الغائب العقل وبين من معه بقية من عقله.
ابن عرفة: هو عندي على حذف الموصوف أي وإن كنتم جنبا من مَنيٍّ أو على سفر، ويكون قوله تعالى:(أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُم مِنَ الْغَائِطِ) معطوف على الموصوف المقدر، أي وإن كنتم ذوي جنابة أو ذوي غائط أو ملامسة مرضى أو على سفر ولم تجدوا ماء فتيمموا ولا يكون فيه تقديم ولا تأخير، كما قال ابن يونس: بل فيها حذف المعطوف عليه الموصوف وأقيمت صفة مقامه وهي صفة الثاني فالتقدير: وإن كنتم جنبا (مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا) فالأول بيان لحالة حدته، قال ابن عرفة: وفقدان الماء إما حسي حقيقة، وإما معنوي مجازا فيجده ولا يجد من يناوله إياه، أو يجده ويمنعه منه خوف لصوص، أو فيجده في البئر ويخاف فوات الوقت إن استعمله.
قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ ... (٤٤)}
إما الخطاب للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أو لكل أحد على حدته.
قوله تعالى:(يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ).
إما حال من (الَّذِينَ) فهي محصلة، أو من الضمير في (أُوتُوا) فهي مقدرة.