قوله تعالى: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (١٣)}
إن كان من تمام المعلوم لأم موسى عليه السلام، فيكون الأكثر بمعنى الجمع؛ لأن جميع بني إسرائيل كانوا حينئذٍ كفارا، وإن كان من كلام الله تعالى خطابا للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فالأكثر على بابه؛ لأن من القبط من آمن به.
قوله تعالى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ... (١٤)}
إن قلت: ما الحكمة في تخصيص هذه الآية، بزيادة لفظة (استوى) دون آية سورة يوسف عليه السلام، فالجواب بوجهين:
الأول: قال صاحب البرهان:؛ لأن يوسف عليه السلام باعه إخوته وهو صغير عمره خمسة عشر عاما أو عشرين عاما، ولم يمكث عند زليخا إلا أعوام يسيرة، ثم جرت قضيته معها، وقالت له: (هَيتَ لَكَ)، فغاية الأمر أن يكون في أول سن البلوغ الأشد، وهو إما عشرون، أو خمسة وعشرون، أو ثلاثون، فلذلك لم يقل فيها: (وَاسْتَوَى) وزادها في آية موسى عليه السلام.
الثاني: قال ابن عرفة: وظهر لي أن الجواب بأن يوسف عليه السلام هم بالفعل، ولم يفعل، [وموسى عليه السلام فعل*]؛ لأنه وكز القبطي وقتله فناسب وصفه بأبلغ درجات القوة، فلذلك قال فيها: (وَاسْتَوَى).
قوله تعالى: (آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا).
ابن عرفة: يحتمل أن يريد بالحكم النظر الموصل للعلم، أي آتيناه طريق العلم، والعلم يحتمل أن يريد بذلك العلمية والعملية.
قوله تعالى: {هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ... (١٥)}
تواضع منه؛ لأن [المقتول حربي*] مباح الدم يعدها هو خطيئة، وليست بخطيئة، وهذه الوكزه هي، [كما*] قال فيها الإمام مالك رحمه الله: [شِبْهُ الْعَمْدِ بَاطِلٌ، وليس بخطإ، وَإِنَّمَا [هُوَ*] عَمْدٌ، قال ابن عطية: أن يعقد يده ثلاثة وسبعين من حساب اللفظ، ثم يضرب بها.
قوله تعالى: {بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ ... (١٧)}
الباء للسبب أو للقسم، وقوله تعالى: (فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا)، أي فلن أكون معينا للمجرمين، قال ابن عطية: احتج العلماء بها على منع خدمة الظلمة ومعونتهم، قلت: