مفهومه أن المؤمنين تنفعهم أو يكون مثل "على لاحبٍ"، فإِن قلت: هلا قيل: فلا شافع لهم فهو أبلغ وأعم؟ قلت: هو تنبيه على حرمانهم من قبول الشفاعة فيهم مع قبولها في المؤمنين. فإِن قلت: هذا فعل في سياق النفي فهو عام، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن شفاعته نفعت أبا طالب؟ قلت: إنما الشفاعة في زوال ما وقع، وقد حصل تخفيف عذاب أبي طالب قبل الشفاعة، وهذه [حجة*] على المعتزلة النافين للشفاعة، وحمله الزمخشري على رفع الدرجات جريا على مذهبه، وهو باطل. [لأن*] الكفار لم يثبت لهم دخول الجنة؛ [فضلًا*] عن أن ننفي عنهم رفع الدرجات فيها.
الزمخشري:(إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) أي إلا أن [يقسرهم*] على الذكر ويلجئهم إليه؛ لأنهم مطبوع على قلوبهم معلوم أنهم لا يؤمنون اختيارا، انتهى.
كأنه يقول: إلا أن يشاء الله ذكركم، واعتباركم [مشيئته قسرا*] لها، وهذا من ضعفهم في أصول الدين؛ لأن مذهب المعتزلة أن العبد يخلق أفعاله ويستقل بها، وهم يوافقونا في أن الداعي مخلوق لله؛ إذ لو كان [مخلوقا*] للعبد لاحتاج إلى داع، ويلزم التسلسل، ولذلك يقولون: لولا العلم والداعي لصح الاعتزال، [وثَم*] له سبب [ ... ][يفرق*] بين الفعل وبين الداعي للفعل، وبين الحركة والداعي لها، ومعنى قولهم: القسر والإلجاء أن شرب الإنسان الشراب اللذيذ الطيب من فعله واختياره، وشراب المؤمنين الشراب الكريه الطعم بالقسر والإلجاء، ففسره على مذهبه الباطل في خلق الأفعال، ولا يحتاج إلى ذلك ولو أبقاه على ظاهره، فقال معناه: إلا أن يشاء الله مشيئتكم لصح عندنا [وعندهم*]؛ لأنه يرجع إلى خلق الداعي، وإن فسرناه نحن بالأفعال، فنقول معناه: إلا أن يشاء ذكركم؛ إلا أن يخلق الله في قلوبكم الذكر والاعتبار فتؤمنوا، والخطاب لهم باعتبار من لم يؤمن؛ لأن بعضهم آمن بعد نزول هذه الآية.