قال ابن عرفة: الصّواب أن معناه بقدرته وإن كان مجازا فهو أولى من أن يقال بعلمه أو بأمره ليكون فيه حجة على المعتزلة.
قوله تعالى: {والله يَهْدِي مَن يَشَآءُ إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}.
قال ابن عطية: فيها حجة على المعتزلة في قولهم: إن العبد يخلق أفعاله.
قال ابن عرفة: هذا بالظاهر لا (بالنضر) ولهم أن يجيبوا بعود ذلك إلى الداعي ووقع الاجماع هنا ومنهم عليه.
قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الجنة وَلَمَّا يَأْتِكُم ... }.
قال ابن عصفور في مقربة والآمدي في شرح الجزولية: (لَمْ) لنفي الماضي المتصل بزمن الحال ومثل ذلك {وعصىءَادَمُ رَبَّهُ فغوى} ولم يندم، وعصى إبليس ربه ولمّا يندم لأن نفي الندم عن آدم كان ومضى وانقطع كوقوع الندم منه بعد ذلك، ونفيه عن إبليس متصل بزمن الحال.
قال ابن عرفة: وعادتهم يتعقبونه بوجيهن:
الأول: نسبة العصيان لآدم عليه السلام فإنه وإن كان ورد في القرآن لكنّه لا ينبغي أن (يتكلم) المخلوق على جهة المثال فإنه من إساءة الأدب على الأنبياء.
الثاني: ان نفي النّدم عنه إما قبل المعصية أو بعدها، والأقسام كلها باطلة لوقوع النّدم منه إثر المعصية. قال الله تعالى {فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا} (فعقب) الأكل بدت لهما السوءات، فوقع الندم والندم حين العصيان غير متصور فأحرى قبله.
وقال القرطبي: (لَمَّا) هنا بمعنى (لم) لنفي الماضي المنقطع لأن ذلك كان في غزوة أحد وهي متقدمة على (هذه) الآية.
ورده ابن عرفة بأنّه إنّما يلزم ذلك لو (علّقه) في الآية بالعلم، وهو أنما علّقه بالحسبان.
قلت: ونقله بعض الطلبة بلفظ لا يحتاج إلى هذا بل هي على بابها لأن حسابهم أنهم يدخلون الجنة حالة كونهم لم يأتهم مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ وهذا (الحسبان) لم ينقطع وما زال المؤمنون يظنون أنهم يدخلون الجنة من غير بأس ولا مشقة تنالهم إلى حين نزول هذه الآية، ونيلهم البأس في (هذه الغزوة) لا يرفع ظنّهم ذلك.
قال ابن عرفة: والبأَسَاءُ راجع لفقد المال، وَالضّرّاءُ للنقص في البدن والزلزال في النفس.