للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سُورَةُ التَّوْبَةِ (بَرَاءَة)

تكلم ابن رشد في البيان على ترك البسملة من أولها في أوائل الجامع الأول وذكروا وجوه في سبب إسقاط التسمية من أولها، من ذلك قول ابن عباس: سألت عليا عن ذلك، فقال: لأن بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أمان، وهذه السورة نزلت بالسيف ونبذ العهد وليس فيها أمان، قلت: وهذا هو الذي اختار الشاطبي في قوله [وَمَهْمَا تَصِلْهَا أَوْ بَدَأْتَ بَرَاءَةً ... لِتَنْزِيْلِهاَ بالسَّيْفِ لَسْتَ مُبَسْمِلَا*].

ابن هشام المصري: هذا البيت من المشكل وبيانه أن (مَهْمَا) في كلامه لَا يجوز أن يكون مفعولا لـ تصل؛ لاستيفائه مفعوله، ولا مبتدأ لعدم [الرابط*]، فإن قيل: [قدر مهما واقعة*] على براءة؛ [فيكون*] ضمير [تصلها راجعا*] إلى براءة، وحينئذ فهي مبتدأ، أو مفعول لمحذوف يفسره تصل، قلنا: اسم الشرط عام، وبراءة اسم خاص، [فضميرها*] كذلك فلا يرجع إلى العام، وبالوجه الذي بطل به ابتدائية مهما، بطل كونها [مشتغلا عنها*] العامل بالضمير، وهذه بخلافها في قوله: "ومهما تصلها مع أواخر سورة" فإنها هناك واقعة على البسملة التي في أول كل سورة فهي عامة، [فيصح*] فيها الابتداء [أو*] النصب بفعل يفسره تصل أي: [وأي*] بسملة [تصل*] تصلها، والظرفية بمعنى، وأي وقت تصل البسملة على القول بجواز ظرفيتها، [وأما هُنَا فَيتَعَيَّن*] كونها ظرفا لـ تصل بتقدير، وأي وقت تصل براءة أو مفعولا به [حذف عَامله*]، أي ومهما [تفعل*] ويكون تصل [وبدأت*] بدل تفصيل من ذلك الفعل، وأما ضمير تصلها؛ فلك أن [تعيده*] على اسم مظهر قبله محذوف، أي ومهما [تفعل*] في براءة تصلها أو بدأت بها، وحذف بها وَلما [خَفِي*] الْمَعْنى بِحَذْف [مرجع*] الضمير ذكر براءة بيانا له إما على أنها بدل منه، أو على إضمار، أعني، ولك أن [تعيده*] على ما بعده، وهو براءة، إما على [أنه*] بدل منه، مثل: رأيته زيدا؛ [فمفعول*] بدأت [محذوف*]، وإما على أن الْفِعْلَيْنِ تنازعاها، فأعمل الثاني [متسعا فيه بِإِسْقَاط الْبَاء*]، [وأضمر*] الفضلة في الأول على حد قوله: إِذا كنت ترضيه ويرضيك صَاحب ... [جهازا*] فَكُن [فِي الْغَيْب*] أحفظ [للود*]

الزمخشري؛ سأل ابن عباس عثمان رضي الله عنهما عن ترك التسمية أول هذه، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا نزلت عليه السورة أو الآية، قال: " [اجعلوها في الموضع الذي يذكر فيه كذا وكذا، وتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أين نضعها، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، «٢» فلذلك قرنت بينهما، وكانتا تدعيان القرينتين*]. الطيبي: غير أنه غير مطابق للسؤال [فيجاب*] عن بيان عدم تصدير السورة بالبسملة، وأجاب من موقع السورة مع أختها، ويمكن أن يقال إن السؤال كان عن شيئين؛ فأولها ترى في السؤال على أحدها وفي الجواب عن الآخر يدل عليه ما روى الإمام أحمد بن حنبل في مسنده، والترمذي وأبو داود في سننهما، عن ابن عباس، قال: [قُلْتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>