قال الفخر [**في مقاربة المعقول]: المعرفة من باب التصورات، والعلم من باب التصديقات، وكذلك قال ابن الأنباري في شرح البرهان، والقرافي في شرح المحصول، ورد ابن عرفة: بأن القائل: عرفت زيدا حسن، أن يقال له: صدقت أو كذبت وقد فرق المنطقيون بين التصور والتصديق، فجعلوا الصدق والكذب من عوارض التصديق لَا من عوارض التصور، قيل لابن عرفة: إن ابن العربي جعل العلم والمعرفة شيئا واحدا، ذكر ذلك في شرح الأسماء الحسنى فأنكر ابن عرفة، وقال: خالفت فيه النَّاس النحويون والأصوليون، فإنهم قالوا: لَا يصح خلق المعرفة على الله تعالى؛ لأنها توهم تقدم الجهل، وأنه كان العلم أولا ثم عرض عنه [سهوا ونسيانا*]، ثم في المعرفة بعد ذلك، وعليه قال صاحب الجمل في قوله تعالى:(لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُم)، لَا تعرفونهم الله يعلمهم، وهذا من حيث الإطلاق فقط، قال ابن عرفة: ففي الآية مأخذان فرعي وأصولي، أما الفرعي فالاكتفاء في أداء الشهادة بالصفة، وهو أن الشاهد إذا رأى شهادته وخطه وعاين صفات المشهود عليه، وقابلها مع ما في الوثيقة، فعلم أنه هو الذي شهد عليه، وأنه يؤدي شهادته، ويقوم بها، ووجه الدليل من الآية أنها اقتضت كون المعرفة بالسيماء سببا في الأخذ بالنواصي والأقدام، قيل لابن عرفة: السيماء هنالك لَا [تتشابه*] على الملائكة، وفي الدنيا تجد الصفات متشابهة، وكثير من النَّاس تتفق صفاتهم، فقال: بين إدراك المشابهة صفة المشهود عليه، وبين حصول العلم له بعد إدراكها أنه هو الذي كان شهد عليه فما كلامه فيه إلا بعد حصول العلم بذلك، وأما قبله فلا خلاف، أنه لَا يحل له، أو لشهادته، قال: وإنما الجواب: أن الدار ليست دار تكليف دار الدنيا، وأما الأصولي فهو التعريف بالخاصة، وقد ذكروا ذلك في المعرفات، والصحيح عندهم جوازه، ونقل ابن الحاجب وغيره عن تفسير السمرقندي منع التعريف بالمفرد، أما الجنس وحده أو خاصة وحدها، قال: والمتقدمون لم يكونوا يعرفون بذلك، وإنَّمَا يعرفون بالمركب من الجنس والخاصة، واختاره ابن الشيرازي شارح ابن الحاجب، والكل على خلافه، لأنهم ذكروا في المعرفات الرسم الناقص.