للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن عرفة: المناسب لهذا إن كان يفرح؛ لأنه يعلم أنه صدق وأنهم يؤمنون به، قيل له: إن اعتبر ظاهر الأمر يخاف، وإن اعتبر باطنه يفرح.

قوله تعالى: {قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ ... (٧٢)}

قال ابن عرفة: إن راعينا ظاهر الآية فهي بينة واحدة؛ لأنهم لم يشاهدوا منه غير العصا، فجمعها لاختلاف حالاتها، كقوله: [فقلت اجعلي ضوء الفراقد كلِّها*] وهو النجوم من غير [ ... ]؛ لكن ذكر المفسرون أنهم رأوا الجنة والنار واطلعوا على أمور دلتهم على صحة ما جاء به موسى، والمعنى لن [نؤثر*] تخويفك لنا على ما جاءنا به موسى من البينات.

قوله تعالى: (فَاقْضِ مَا أَنْتَ).

صيغة أفعل للإهانة، وقالوا: (مَا) إما موصولة بمعنى الذي، أو مصدرية.

قال بعض الطلبة: ويحتمل أن يكون ما نافية، واستعبده ابن عرفة؛ لقوله تعالى: (إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا) فدل على إثبات مصابه في الدنيا.

ابن عرفة: الظاهر هل هذا أمر تكميل مندوب إليه، أو أمر واجب ركن لَا يحصل الإيمان إلا به؟ والظاهر أنه مندوب، لقوله تعالى: (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ) فلو أضمروا الإيمان ولم يقل هذه المقالة لإجزائهم؟ فأجيب بأن الإكراه عندهم يخلص من عهدة الواجب؛ لقوله تعالى: (إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ) فدل على أن المكره مؤاخذ بإثم ما أكره على فعله.

وقال الفخر ابن الخطيب الإمام الرازي في أسرار التنزيل: من عبد الله تعالى لينجوا من النار ويدخل الجنة فعبادته باطلة بإجماع.

وقال: ابن [العربي*] في سراج المريدين: هذا مذهب المتصوفين، قال: والإخلاص عندهم أن يعبد لَا لجنة ولا لنار، قال: وهو عندي لَا يصح، وقال القاضي أبو بكر: هذا كفر وانظر ما قيدت به [ ... ] على صعيد واحد في كتاب البر والصلة.

قوله تعالى: {وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ (٧٣)}

قال أبو حيان: ما جعلها بعضهم نافية، ومن السحر متعلق بـ[يَغْفِرَ*].

ورده ابن عرفة بأن ما النافية لها صدر الكلام فلا يعمل ما بعدها فيما قبلها.

قوله تعالى: {فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى (٧٥)}

<<  <  ج: ص:  >  >>