قال ابن عرفة: فيها سؤال، وهو لم عبر في الأولى بالفعل وفي الجملة الثانية بالاسم، وهلا قيل فيه: مقاتلة في سبيل الله وأخرى كافرة، أو يقال فيه: تقاتل في سبيل الله وأخرى تكفر؟ والجواب: إما بأن القتال أمر فعلي فهو متحدد فلذلك عبر بالفعل، والكفر أمر اعتقادي قلبي فهو ثابت فناسب التعبير عنه بالاسم، وإما بأن الآية حذف التقابل أي [فئة*] مؤمنة تقاتل في سبيل الله، وأخرى كافرة تقاتل في سبيل الطاغوت.
أحدها: يروا المشركين مثلي المشركين رأي العين، وقد يشكل لمخالفته سورة الأنفال، لأن فيها:(وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا) وأجاب الزمخشري: بأن المشركين يرون المسلمين قبل القتال قليلين [فيجترءون ويحرصون*] على قتالهم، ثم يرونهم حين القتال كثيرين، [فينالهم*] الخوف والرعب الموجب لقتلهم وانهزامهم.
ابن عرفة: ويجيء هنا عكسه، وهو أن المسلمين يرون المشركين قبل القتال مثلهم ابتلاء من الله لهم، فإذا شرعوا في القتال يرونهم قليلين يذهب روعهم وخوفهم.
ابن عرفة: وهذه الرؤية [تغلط*] البصر، فيرى القليل كثيرا، والكثير قليلا، وإما بأن الله يخلق هناك ما مثل المشركين [أو يقلل بعض المشركين في أعين المؤمنين].
ابن عرفة: فعلى هذا أنه يكون من غلط البصر يكون المصدر، من قوله تعالى:(رَأْيَ الْعَينِ)[ترشيحا*] للمجاز، كقول الشاعر:
بكى الحر من روح وأنكر جلده ... وعجت عجيجا من جذام المطارف