واختاره شيخنا ابن عرفة.
الثالث: أنها غير متواترة) قاله ابن العربي في العواصم والقواصم (والأنباري) وابن رشد في كتاب الصلاة الأول وفي كتاب (الجامع) الرابع من البيان والتحصيل.
قال ابن عرفة: وهو اختيار الشيخ أبي إسحاق إبراهيم (الجزرى) وشيخنا القاضي أبي عبد الله محمد بن عبد السلام وصاحبنا الفقيه أبي العباس أحمد بن إدريس (البجائي).
ءَأنذَرْتَهُمْ: استفهام في معنى الخبر أو معنى المصدر أي إنذارك وعدم إنذارك سواء.
قال: (وسَوَاءٌ) مبتدأ وءَأَنذرْتَهُمْ إما فاعل وإما خبره (ويصح) أن يكون مبتدأ لأنه يكون الخبر أفاده المبتدأ، فلا فائدة (فيه).
ورده ابن عرفة: بأنه يفيد التسوية إذْ لَعلّ المراد إنذارك وعدم إنذارك مختلفان.
قال ابن عرفة: والصواب أنه على/ حذف مضاف أي سواء عليهم جواب {ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ}. ويكون استفهاما حقيقة لأن الاستفهام في قوله مجاز (والمصدر) يحتاج إلى (أداة) (تصيّر) الفعل مقدرا بالمصدر وهو (بمنزلة) قول.
قيل: يشتمل على إنذار وجوابه (إمّا معه) أو قبله ولذلك هنا جواب (الأمرين) عندهم سواء.
قوله تعالى: {لاَ يُؤْمِنُونَ}.
هو احتراز لأنه قد يكون الاختيار (باستواء) الحالتين عندهم يقتضي مبادرتهم إلى الإيمان وعدم (توقّفهم) على الإنذار فاحترز من ذلك (ببيان) أنهم على العكس.
قيل لابن عرفة: إن (ابن فورك) أبطل بهذه الآية قاعدة التحسين والتقبيح؟
قال: لأن الله تعالى أخبر أن الإنذار لا ينفع فيهم، وقد أمر بإنذارهم، ومراعاةُ الأصلح (تقتضي) عدم تكليفهم وعدم إنذارهم.
(فقال): (تقدم) ذلك في جواز تكليف ما لا يطاق وهذا متفق عليه فإنّ هؤلاء المخبر عنهم بذلك غير معيّنين فليست هذه كقضية أبي لهب وإنّما الخلاف يخبر عن معينين (بعدم) الإيمان وتكليفهم بالإيمان كقضية أبي لهب فليس في هذه الآية دليل بوجه.
قوله تعالى: {خَتَمَ الله على قُلُوبِهِمْ ... }
قرر ابن عرفة وجه المناسبة بين هذه الآية وبين ما قبلها (بأنها) سبب فيه، كأنه قيل: لِمَ لا ينفع الإنذار فيهم؟ فقيل: بسبب الختم على قلوبهم.
قال ابن عرفة: هكذا قرره بعضهم. ويرد عليه (أنه كان يكون الأوْلى تقدير هذه الآية على ما قبلها، لأنها سبب فيه وكان يمشي لنا فيه) إن كان تقرير المناسبة بأنّ امتناع تأثير الفعل في المفعول إما (لخلل) في الفاعل أو المَانِعِ في القابل فقد يضرب بالسيف