قال ابن عرفة: وقوله: {قُلْءَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ الله ... } دليل على أنها منقطعة لأنه رد عليهم في المقالة الثانية فقط أي لم يكونوا كذلك.
وقوله «أَمِ اللهُ» إما على ظاهره أو المراد به أمْ رسول الله، كما قال الله جل ذكره: {إِنَّ الذين يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله} وهو على سبيل التنزل معهم والإنصاف (أو) من باب تجاهل العارف
قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ الله ... }
جمعه مع {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ الله} ومع {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ علَى الله} يقتضي التساوي إلا ما دل الدليل على (التفاوت) فيه (بل أقوالهم تضمنت كتم الشهادة فيقال: إنما علق الظلم على الكتم ليعلم أن شهادة الزور أعظم جريمة فقد وعده بالعذاب على الوجهين (ووبخوا) بفعل ما ارتكبوا من ذلك) والشهداء على ثلاثة أقسام: شاهد بالحق، وشاهد
بالزور، وكاتم للشهادة، فلا يشهد بشيء) مع علمه بها. وهؤلاء شهدوا بالزور ولم يكتموا الشهادة فقالوا: {كُونُواْ هُوداً أَوْ نصارى} فعلق الحكم على الأخف ليفيد العقوبة على ما هو أشد منه من باب أحرى.
قال الزمخشري: ويحتمل أن يرجع للمؤمنين، أي لو كتمنا الشهادة لم يكن أحد أظلم منا فلا يكتمها.
قوله تعالى: {وَمَا الله بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}
من باب السلب والإيجاب لا من باب العدم والملكة.
قوله تعالى: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ... }
راجع للأنبياء والأمم السالفة.
قيل لابن عرفة: هم إنما ادعوا أنهم ينتفعون بعلمهم / لا أنهم يسألون عن (علمهم) فقالوا: كونوا على ديننا، ونحن متبعون لهم لننتفع بعلمهم. فهلا قيل: ولا (ينفعهم) علمهم؟
فقال: هذا (استدلال) أي اعلموا أنّهم (لم يضركم عملهم) فكما لا يضركم كذلك لا ينفعكم، أو يكون فيه حذف أي لا تُسألون عما كانوا يعملون ولا يُسألون هم عما (أنتم) تعملون.
قلت: وتقدم في الختمة الأخرى قال بعض الطلبة {قُلْءَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ الله} يقتضي نفي العلم عنهم، وقوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ الله} يقتضي ثبوت العلم لهم إذ لا يكتم إلا من علم؟
فأجيب بوجهين: