للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن كان حسنا وتقدم الجواب عنه بأن المباح يصدق عليهما أنه حسن فيكون الأحسن هو المندوب وما فوقه فهو المتقبل، وكذلك إنما كلفوا بالمندوب لَا بالمباح.

قوله تعالى: (سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ).

يحتمل أن يريد يوم القيامة.

قوله تعالى: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ ... (١٤٦)}

أي: سأخلق في قلوبهم شيئا يمنعهم من الإيمان بها، متخذا مذهب أهل السنة ومذهب المعتزلة؛ سأمنعهم الألطاف والأسباب المحصلة للإيمان بها.

قال: وهو على سبيل التحذير لهم والتخويف، قال: والتحذير بذكر ما يتوقع منها أبلغ وأقرب لمكان التحصين، كما نقول: لَا تمش هذه الطريق فإنها مخوفة، وتقول لآخر: لَا تمش من هذه الطريق فإن مشيت منها تجد فيها طريقين؛ أحدهما وهي اليسرى مخلوقة فهذا أقرب للتخويف من الأول، وكذلك هذا لما أمر؛ وقيل له: (وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا) أتى عندنا على سبيل التحذير لقومه من سبيل هؤلاء؛ لأنه لما قيل له: وأمر قومك تعلق قلبه بإيمان جميعهم، فقيل له: فيهم من لَا يؤمن بك فلا تتهالك عليهم وكن على بصيرة من ذلك.

قوله تعالى: (عَنْ آيَاتِيَ).

قال ابن عطية: أي: عن الإيمان بالوحي وما في الكتب المنزلة.

قوله تعالى: (الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ).

قال ابن عرفة: التكبر في الأرض قسمان:

تكبر بالحق، وقد يكون واجبا أو مباحا كمن يكون إذلالك له لم يوجب أن يحملك على ارتكاب معصية من شرب الخمر أو الزنا وتكبر بغير الحق.

وقال الزمخشري: سأصرف عن الطعن في آياتي.

فقال الطيبي: إنما قال عن الطعن؛ لأن مذهبه أن اللَّه لَا يخلق الشر؛ ولذلك تأول بالطعن.

وأورد عليه ابن المنير أن الطعن في الآيات محال عقلا لَا يقع بوجه، والصرف يقضي إمكان وقوعه فعلا وهو غير ممكن بوجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>