وقال الزمخشري:[عزم ربك*]، وتقدم النقد على مسلم في مقدمة كتابه، وظننت حين سألني أن لو عزم الله لي عليه؟ قال المازري: هناك لَا يظن أن لو عزم الله عليه لأراده الله تعالى منهم عزما، فالحاصل أن نسبة العزم إلى الله تعالى لَا تصح، قال المازري: إنما أراد لو سهل لي سبيل العزم؛ أو خلق لي قوة عليه.
قال عياض: قالت أم سلمة في كتاب الجنائز: ثم عزم الله لي فقتلتها، وأصل العزم القوة ويكون بمعنى الصبر وتوطين النفس؛ وحملها على الشيء والمعنى متقارب، ومنه قوله تعالى:(فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ).
قال ابن عرفة: والصواب عندي في قوله تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ). أن معناه زاد مواعد ذلك.
قال ابن عرفة: عبر بالتقطيع دون التفريق؛ لأن لفظ التقطيع أصرح وأشفع لاقتضائه تفريقا بعد كمال اتصال، فإن قلت: لم قال: أمما، وتقطيعهم آحاد مفترقين أنحى وأبلغ من تقطيعهم؟ فالجواب: أن هذا أبلغ في كمال الإعجاز؛ لأن كونهم أمما يقتضي الطمع في وقوع القلب، ولكنهم بعجزهم في هذه الحالة أبلغ وأدل على كمال العجز.
قوله تعالى:(وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ).
قال ابن عطية: إما أن المراد ومنهم غير الصالحين أي: من الكفار، وإما أن المراد ومنهم من اتصف بما دون الصلاح.
قوله تعالى: {وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ ... (١٦٩)} .. ابن عرفة: هذا على سبيل الاحتراس لما استغفروا وتابوا؛ اقتضى ذلك عدم رجوعهم إلى العصيان، ومن تاب عن المعصية يبعد رجوعه إليها كمن زنا بامرأة جميلة فإنه لَا يسترجع زناه بعد ذلك بامرأة جميلة الصورة، وكذلك من تاب عن سرقة دينار إذا وجدها بعد ذلك، وهؤلاء لو قيل في حقهم، ويقولون: سيغفر لنا قوله استغفارهم من ذلك الذنب، وأنهم لم يرجعوا إلى مثل الذنب الذي استغفروا منه بل إلى ما هو أخف إلى النفس منه، فقيل: لا يأتيهم من حيث لو آتاهم عرض مثله لأخذوه.