للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأجاب ابن عرفة بأن ذلك إنما هو في أسماء الأعلام، وهنا إنما المراد الصفات وهم سموا الأصنام آلهة معبودة كما فعل آباؤهم فيما ليس لهم فيه دليل بخلاف عوام المسلمين؛ فإنهم مقلدون الأهل الذين إمامهم أبو المعالي، والشيخ أبو الحسن الأشعري، ولهما على التوحيد أدلة ظاهرة.

قوله تعالى: {تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا ... (٧٤)}

ولم يقل: من جبالها؛ لأن الجبال ليست من الأرض.

قوله تعالى: (مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ).

أي: من دليل فيستفاد منها ذم التقليد، وأجيب بأنهم في محل المجادلة والمخاصمة؛ والمجادل لَا بد له من دليل، بخلاف المقلد فإِنه لَا يجادل.

قوله تعالى: (وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا).

أي: آخرهم؛ فدل على قطع أولهم من باب أحرى.

قوله تعالى: (وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ).

قال الزمخشري: إن قلت: ما فائدة قوله تعالى: (كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا)؟ فأجاب بأنه تعويض بمن آمن بهم؛ أي ولم يكذبوا، مثل: من آمن بهم.

وأجاب ابن عرفة بثلاثة أوجه: يتناول الآية من لم يحرم بالكذب ولكنه بقي شاكا فهو أيضا غير مؤمن، وإن كان غير مكذب.

الثاني: أن التكذيب يتناول من كذب الرسل وهو مؤمن بالله موحد، وهؤلاء كانوا مشركين بالله، حسبما (قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا) فأفاد قوله تعالى: (وَمَا كَانُوا مُؤمِنِينَ) أنهم كذبوا الرسل ولم يؤمنوا بالله.

الثالث: أن المراد ولم يكونوا قابلين إلى الإيمان فأخر عنهم العذاب حتى آمنوا به؛ لأن قوله: وما كان زيد ليؤمن يدل على نفي قبوله، فدلت الآية بمفهومها على أن من كذب وكان قابلا إلى الإيمان لم يقطع دابره.

قوله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٧٨)}

فجمع الديار مع الصيحة وأفردها مع الرجفة.

قال ابن عرفة: تقدمها الجواب بأن الصيحة إنما تنال قلوبهم [فتحدث*] فيها تقطعا، والرجفة تنال أبدانهم، [وأماكنهم فتزلزل*] الأرض، وهي مسببة؛ فما كانت تنال إلا قلوبهم

<<  <  ج: ص:  >  >>