ابن عرفة: انظر هل فيها حجة لمسألة القاضي ابن زرب بأن النفقة تعم العولة والكسوة؟
قوله تعالى:(وَقولُوا لَهُمْ قَوْلا مَعْرُوفًا).
ابن عرفة: يحتمل عندي أن يريد بالمعروف في الشرع وإن كان عند المحجور منكرا، أو هو أن الوصي يحض محجوره على الاقتصار في حالة والإقتار على نفسه في النفقة والكسوة، وعدم التبذير وسمعت وصيا يقول لمحجوره: كنت أنا محجورا فأعطاني رجل درهما فبقي عندي سنة حتى اشتريت به ويبة من قمح وحاولها حتى صارت أقفزة ويحتمل أن يزيد بالمعروف المحبوب وبالغير معروف المكروه فمن يحب إنسانا ينبغي أن يذكره بعرفه، ويكره آخر فلا يعرفه حتى يكرر ذكره عليه فالإنسان يعرفها يجيب بأول وهلة ويكره ما يكره، قلت: إشارة إلى أخذ شيء بالسياسة واللين دون الشدة والغلظة.
قوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى ... (٦)}
ابن عرفة: اختلف المذهب في البكر بعد البلوغ وقبل التعيين هل للوصي عليها أن يرشدها ويشهد له أم لَا؟ وهو الصحيح والآية حجة للجواز وسبب الخلاف أن البكارة مظنة لجهلها بمصالح نفسها فإن وجد بعض الأبكار عارف بمصالح نفسه فلا يضر؛ لأن الحكمة قد تبتغى وتبقى المظنة، وكذلك وجه قول أبي حنيفة في أنها إذا بلغت خمسا وعشرين سنة ترشد، وإن كانت سفيهة؛ لأن بلوغ ذلك عنده بمظنة الرشد فلا يضر بخلقه في البعض، ورده ابن عرفة: بأن التعليل بالمظنة حالة وجود النص من القرائن لَا يصح لاشتراط الرشد منها، وهل يصح أن يدفع للمحجور مالا يختبر به حاله أم لَا؟ ظاهر كتاب الوصايا والْمِدْيَانِ من المدونة جواز ذلك، وقيل: لَا يجوز وإنما نختبر بغير شيء، وقال القرطبي: هنا إن كان ذكرا اختبر بنفقة المنزل فيعطاه يشتري اللحم والبقل والخبز، وإن كانت أنثى اختيرت بالغزل، ونقله ابن عبد السلام في شرح ابن الحاجب، واختلف في الرشد هل من شرطه العدالة أم لَا؟، وهو الصحيح فقد يكون الرشيد في ماله فاسقا في دينه، وأما السفيه ففي تبذيره ماله لَا في إفساد دينه، وحكى القاضي ابن حيدرة أن القاضي ابن عبد السلام نقل عن بعضهم أنه رأى في المشرق شيخا عليه حلة كبيرة يقرئ أنواع العلوم وهو مشهور بالصلاح والدين لكنه سفية محجور عليه، فسئل عن موجب ذلك، فقيل له: إذا رأى الحلاوة يموت عليها حتى يشتريها.