قال الزمخشري:[الهاء في إِنَّهُ يجوز أن يكون ضمير الشأن*]، والثاني، [وأن يكون راجعا إلى ما دل عليه ما قبله، يعنى: أنّ مكلمك أنا، والله بيان لـ أنا*]، ورده أبو حيان: بأن الفعل إذا حذف لَا يصح عود الضمير عليه بوجه، ونودي لما بني للمفعول حذف فاعله، وأجاب بعض الطلبة: بقوله تعالى: (قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (٤) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (٥) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ)، وقوله تعالى:(وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ) عائد على القائلين، وحذف الفاعل، في قوله تعالى:(قُتِلَ)، فقال ابن عرفة: هذا في جملة أخرى، فظاهر كلام أبي حيان جوازه، وقول الزمخشري:[يعنى: أنّ مكلمك أنا*]، أي المناسب لمذهبه، أن يقول: أنا مناديك أنا؛ لأنه ينفي الكلام القديم.
قوله تعالى: {فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ ... (١٠)}
الاهتزاز أوائل الحركة.
قوله تعالى:(كَأَنَّهَا جَانٌّ).
قال ابن عرفة: بهذه الآية يقع الجمع بين قوله تعالى: (فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى)، وبين قوله تعالى:(فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ)، فشبهها بالثعبان في عظم جرمها، وبالحية، وإن كانت صغيرة الجرم في سرعة حركتها، فهو استعارة، أو يقال: إنها في أول حالها حية، ثم عظمت وصارت ثعبانا.
قال ابن عرفة: كان ابن عبد السلام يردد في هذا أن هذه قضية كلية، أي كل مرسل لَا يخاف، والقضية الأولى [موجبة جزئية*]، وهو قوله تعالى:(وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ)، فدل على أنه خاف، قال: وتقدم الجواب بوجهين:
إما أنه لم يكن حينئذ رسولا، وإنما أرسل بعد ذلك.
وإما أنه ليس المراد نفي الخوف؛ لأنه أمر [جِبلِّي*] لَا يقدر الإنسان على دفعه، وإنما المراد لازمه، أي كن آمنا مطمئنا، فإن رسلي يؤمَّنون من كل ما يخافون.