للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غربت ولا يغرب كل يوم فيه؛ فإن لها مغارب ومشارق، ومع أنها تغرب على قوم وتطلع على آخرين، ومع ما ورد في حديث أبي ذر، قال له: «أَتَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ؟» [قلت لا، قال «إنها تغرب في عين حامية» *].

قوله تعالى: (إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا).

إما للتخيير أو للتفصيل؛ أي للتخيير في أنواع العذاب إما تعذيبهم بالقتل أو بالأسر وهو [الحسن*]، أو للتفصيل للتخيير؛ بمعنى إما أن تعذبهم، وإما أن تحسن إليهم فاختار هو [حسنها*].

قال ابن عرفة: وبدأ بمغرب الشمس قبل مطلعها؛ إشارة إلى ما يقول الحكماء أول الفكر أجر العمل، وهي العلة الغائبة تنبيها للإنسان على النظر في عواقب الأمور، وأنه يكون على حذر من أجرته فيعمل على ما يحصلها، وإذا أراد أن يفعل أمرا تفكر في عواقبه وحينئذ يفعله.

قوله تعالى: {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (٨٩)}

العطف بـ ثم إشارة إلى المهملة التي بين فعله الأول والثاني لَا سيما مع كونه ملكا [لَا ينتهي أمره*] إلا بعد طول ومهلة.

قيل لابن عرفة: ذكروا أن عمره أربعون سنة، والمعمور من الأرض مسافة ثمانين فكيف مشى هذا المقدار؟ فقال: هذا خرق عادة والرجل نبي أو ولي أو ملك فلا يستغرب في حقه أن يقطع المسافة الطويلة على الزمن القليل.

قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ ... (٩٠)}

ابن عرفة: قالوا: ما الحكمة في إدخال لفظة (إِذَا) في [المطلع*]؛ مع أنك إنما تقول: إنما سرت حتى أدخل المدينة، فهلا قال: حتى بلغ مغرب الشمس، وحتى بلغ مطلعها؟ فأجيب بأن لفظة (إِذَا) تفيد القصد أنها بعد [الحامية*]، كقولك: سرت حتى أبلغ مكة فأعتمر، إن العمرة مقصودة لك من [الأول احترازا*] من أن يكون فعلك لها إشاريا اختياريا من غير قصد له، وكذلك هنا إنما كان سيره ليبلغ أول المعمور وآخره، فيدعوا النَّاس إلى الإيمان بالله، لَا أنه كان اتفاقيا، قال: وقرأ الأكثرون بالفتح في سورة (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) لوضوح إرادة المكان هنا، ووضوح إرادة الزمان هناك أو المصدر.

<<  <  ج: ص:  >  >>