لَكَ)، كأنه لما قيل: كانوا من الزاهدين لم يعلم في أي شيء اتجه لسائل أن يقول في أي شيء زهدوا، فقيل: زهدوا فيه، وهو من قول الزجاج فيه ليس بصلة الزاهدين؛ المعنى وكانوا من الزاهدين؛ ثم بين في أي شيء زهدوا؛ فإنه قال: زهدوا فيه وهذا في الظروف جائز، وإمَّا في المعقولات؛ فلا يجوز فيها؛ لَا يجوز كنت زيدا من الضاربين؛ لأن زيدا من صلة الضاربين، فلا يتقدم الوصول صلته.
وذهب ابن الحاجب إلى الجواز قائلا في قوله تعالى:(إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ)، الظاهر أن لكما في مثل هذا ونحوه، متعلق بالناصحين؛ لأن المعنى عليه، فإن [اللام*] إنما جيء بها لتخصيص معنى النصح بالمخاطبين، وإنَّمَا قرأ الأكثرون من هذا لأن صلة الموصول لَا تعمل فيما قبل الموصول، والفرق عندنا أن الألف واللام لما كانت صورتها صورة الحرف المنزل جزءا من الكلمة صارت كغيرها من الأجزاء التي لَا يمنع التقدم، ولذا لم يوصل بجملة اسمية لتعذر ذلك فيها، وهذا واضح فلا حاجة إلى التعسف.
(أَكْرِمِي مَثْوَاهُ ... (٢١)
الفخر: هذا تعظيم؛ لأن المشارقة عادتهم يقولون: السلام على المقام العلي، تنزيها بالاسم المكتوب إليه أن يذكر، وتعظيما له، وكذلك هذا لأن مثواه موضع إقامته.
(أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا).
إن قلت: اتخاذهم إياه ولدا محقق، فكيف فيه معنى الترجي، قلت: إنما يتخذونه ولدا إذا ظهر) لهم نجابته ومنفعته.
(وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ).
الطيبي: الضمير إما لله عز وجل، فالجملة تذييل، أي لَا أحد فوقه فيفعل ما شاء لا [رادَّ*] لما أراده، وهذا صريح في مذهب أهل السنة، ولكن أهل الاعتزال لَا يعلمون، وأما ليوسف فيكون تتميما لما دبره الله فيه، أن العاقبة له ومعنى مغلوبية الأمر على التمثيل فإن المغلوب تذلل للغالب فيتصرف فيه من غير مانع.
(وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ ... (٢٢)
اختلفوا في حد بلوغ الأشد، فقيل: ثلاثون، [وقيل*] ستة وثلاثون، وقيل: عشرون، ويدل على أنه ستة وثلاثون، قوله تعالى:(حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً)، لأن العطف يقتضي المغايرة، واتفق الأطباء على أن بدن