للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غيره لم تتأول لأن الشارع يذكر الألفاظ الموهمة للابتلاء بها {فَيُضِلُّ الله مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ} (فالمحق) يصرفها عن ظاهرها إلى الصواب والمبطل يقف مع الظاهر، وأما إذا وردت من غير (الشارع) فلا تتأول.

قلت: وكذا قال الزمخشري: لفظ الكرسي تخييلُ. والتخييل أن يعبر عن الشيء بلازمه كقوله تعالى: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشياطين} قوله تعالى: {وَلاَ يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ... }.

ان قلت: هلا قيل: حفظُها، بضمير جماعة ما لا يعقل أو: حفظُه، بضمير الكرسي لا شتماله على العرش والسّماوات والأرض، (والشي) (في نفسه) ليس كهو مع غيره، فلا يلزم من نفي الثقل (عن) السماوات والأرض (بخصوصيتها) نفي الثقل (عنها) مع غيرها؟

فالجواب: أنّه (خصهما) بالذكر لأنهما المشاهدان للإنسان الذي يراهما ويوافق على إمساكهما وعدم إزالتهما ليكون ذلك أقطع في طريق / الاستدلال وأقوى في قيام الحجة عليه.

قوله تعالى: {وَهُوَ العلي العظيم}.

قال ابن عطية: أي عظيم القدر والخطر وليس من عظيم الأجرام وحكى (الطبّري) عن قوم أن العظيم بمعنى المعظم كقولهم: العتيق بمعنى المعتق، وأنكره آخرون وقالوا: لو كان بمعنى معظم لوجب ان لا يكون عظيما قبل أن يخلق الخلق وبعد فنائهم إذ لا معظم له حينئذ.

قال ابن عرفة: وهذا الإنكار غير صحيح، بل يفهم كما قال الضرير في أرجوزته لأنه قسم الحمد على قسمين: قديم وحادث، فالقديم حمده تعالى نفسه.

قوله تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدين ... }.

نقل ابن عرفة عن ابن عطية الخلاف في سبب نزولها ثم قال: الظاهر عندي (أنّها) على ظاهرها ويكون خبرا في اللفظ والمعنى. والمراد أنه ليس في الاعتقاد إكراه وهو أولى من قول من جعلها خبرا في معنى النّهي. وكان أبو عمر ولد الأمير أبي الحسن على المريني في (أيام) مملكته جمع كل من كان في بلده من النّصارى وأهل الذمة وقال لهم: إما أن تسلموا أو ضربت أعناقكم، فأنكر عليه ذلك فقهاء بلده ومنعوه وكان في عقله اختبال.

<<  <  ج: ص:  >  >>