الثاني: أنه سئل عن علة العلم، وأما الجاهل فلا يسأل عن علة الحكم ولا عن دليله بوجه.
الثالث: أنه إنما ذكره ليرتب عليه العقوبة في قوله (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا).
قال ابن عرفة: فإن قلت: هلا ابتدأ بالنداء قبل الاستفهام؟ فالجواب: أنه قدم الاستفهام؛ لأنه الاسم المقصود.
قوله تعالى: (وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا).
معطوف على مقدر؛ أي فاحذرني واهجرني مليا.
قوله تعالى: {قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ ... (٤٧)}
كان بعضهم يقول: أما سلام القادر فمطلوب مشروع، وأما سلام المنصرف فغير مشروع، ومنهم من قال: مشروع بدليل هذه الآية مع حديث خرجه أبو داود.
قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (٥١)}
فكان بعضهم يقول: الوصف بالنبوة تأكيد؛ لأن الرسالة أخص، وكان بعضهم يجيب بأن الأعم على قسمين:
أعم لَا يوجد إلا في أخصه المعين.
وأعم يوجد فيه وفي غيره، فمثال الأول في قولك لرجل ميت: كان هذا إنسانا حيوانا؛ فالأعم في هذا المثال لَا يوجد إلا في أخصه المعين؛ لأن كون ذلك الرجل حيوانا لَا يمكن أن يوجد إلا مع كونه إنسان، وكذلك الموصوف بعد الرسالة إن كان نبياً مدة من الزمان، ثم كان رسولا بعد ذلك باستبعاد استقلال كل واحد من الوصفين فيه وفي غيره من الرسل أرسل وثبت واحدة.
قوله تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ ... (٥٢)}
(مِنْ) للغاية؛ أعني لابتدائها وانتهائها، نحو: خذ المال من الصندوق، وذلك من النسبة إلى المخاطب، والوصف الأيمن إما مأخوذ من اليمن والبركة، وإما باعتبار الشرف، وإما باعتبار القوة والضعف؛ لأن اليمين أقوى في التكسب والحركة من الشمال باعتبار الأعم الأغلب، وقد يكون في بعض النَّاس على العكس.
قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا (٥٣)}