قال الزمخشري: إن قلت: لأي شيء، عبر في الأول بالسين دون ما عداه؟ فأجاب بوجهين: الأول: بأن عطفه بالواو يصير الاستقبال منصبا على الجميع، الثاني: أن [يراد*] به فعل بمعنى الاستقبال في الأول دون الذي هو صالح له. قال: والصواب أن يقال: إن الفعل إذا كان غريبا عجيبا مما يستبعد وقوعه ويستغرب يؤتى فيه بالسين الدالة على تحقيق وقوعه لَا على الاستقبال كقوله تعالى: (سَيَقُول السُفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ)، وقوله ستكتب شهادتهم وهنا لَا شك إن قول من قال: إنهم (ثَلاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ)، أبعد عن الصواب وأغرب من قول من قال: إنهم (خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ) لأن الصحيح إنهم (سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) فما قرب منه أصوب مما بعد وقوله ثلاثة خبرا مبتدأ أي هم ثلاثة وحذف المبتدأ هنا لأن الخبر لَا يصلح إلا له، أي الثلاثة إلا لهم، قيل لابن عرفة: الدليل من الآية على أنهم سبعة وثامنهم كلبهم، قوله تعالى:(قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ) فانقسم المجيبون قسمين قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم، وقسم قالوا ربكم أعلم بَما لبثتم وقد عبر عن قول كل قسم بضمير الجمع وأقل الجمع ثلاثة.
اللام للتعليل، واختلف في تفسيره، فقيل معناه أنها إذن الله في فعله فله أن يخبر بفعله مطلقا غير مقيد بالمشيئة وما لم يسمع منه إذنا فلا يخبر بفعله إلا مقيدا بالمشيئة، وفسره الزمخشري بوجهين: أحدهما لَا تقولن ذلك القول إلا أن يشاء الله أن يقوله بأن يأذن لك فيه، والثاني: لَا يقوله إلا مقرونا بلفظ إن شاء الله.
الضمير إما عائد على الكتاب أو على الرب، والمراد له لَا مبدل لكلمات غيره أو لا مبدل لكلمته التي هي خبر؛ لأن الإخبار لَا ينسخ أو يقال: إن النسخ تغيير لَا تبديل، وفرق بعضهم أبدل في الأمر الحسي وبدل في المعنوي، وهذا إشارة إلى قوله تعالى:(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).