قال ابن عرفة: قالوا: أكثر ما وقع في القرآن مخاطبته بصفاته فيقال: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ)(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ)، وكذلك قوله تعالى:(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ)، وما وقع التعبير عنه باسم العلم إلا في نحو خمس آيات، وهو قوله تعالى:(وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ)، وقوله تعالى:(مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ)، وقوله تعالى:(وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ)، وقوله سبحانه وتعالى (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ)، وقوله عز وجل (وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ)، قال: وسبب ذلك أن هذه الصفات ذكرت على سبيل المدح والتشريف، فلذلك كثر ذكرها، والتصريح باسمه العلم إنما هو يميزه عن غيره فقط.
قوله تعالى:(اتَّقِ اللَّهَ).
إن قلت: ما فائدة أمره بالتقوى مع أنه تحصيل الحاصل، قلنا: متعلق الأمر بالشيء لمن هو متصف به، إن كان متعلقه مقولا بالتشكيك ففائدته الترقي في أجزائه، والاتصاف بإعلام، وإن لم يكن كذلك ففائدته الدوام عليها.
قوله تعالى:(وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ).
قال ابن عرفة: فائدته عندي أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يخفض جناحيه لهم، فيوافقهم على فعل ما يصل به إلى غاية ما يباح له [فعله*] شرعا استيلافا لهم وحرصا على إيمانهم، فقيل له لَا تفعل هذا، فإِن ذلك يندرج بهم إلى طمعهم فيك، وتعلق آمالهم لطلبهم منك ما لَا يباح لك فعله شرعا، وهذا كما يطلبه منك عبدك درهما، فإن سعفته به يتجاسر عليك، ويطلب منك دينارا.