قيل لابن عرفة: هل يجوز التمثيل بآيات القرآن؟ أما في مقام الوعظ والتذكير فجائز مثل (وَقُولوا لِلنَّاسِ حُسنًا)، (وَاسْتَعِينُوا بِالصبْرِ)، (وَاستَغْفِرُوا رَبَّكُم) وأما في غيره فممنوع كقول بعضهم، وقد سئل عن شيء فعله لم يفعله (وَمَا فَعَلتُهُ عَن أَمْرِي).
ابن عرفة: المفعول محذوف تقديره: أما (الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ) الدوائر الراء زائدة، وأما الذين يتربصون به مستقبلات الأمور من خير أو شر وهو ظاهر سياق الآية، ولا يبعد أن يريد الجميع فيكون على نوعين فمن سمع منهم على المؤمنين خبرا يسوؤه فهو يتربص بهم دائرة السوء، ومن لم يسمع شيئا فإنه يتربص الأمر المستقبل على الإطلاق، وأسند الفتح إليه، ولم يسند إليه المصيبة مع أن الجميع من عند الله تسريفا للفتح واعتناء به.
قوله تعالى:(أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ).
ألم تكن لنا قدرة على أن ننصر المؤمنين عليكم فلو قاتلناكم معهم لانتصروا واستولوا عليكم فالمعنى: ألم نستول عليكم بقدرتنا على قتالكم الموجب لانتصار المؤمنين عليكم.
قوله تعالى:(وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ).
قال ابن عرفة: المناسب إليهم أن يقال: ونمنع المؤمنين منكم كما تقول: منعت الأسد من زيد، فلا تقل: منعت زيدا من الأسد.
قيل لابن عرفة: ولم قال: ونمنع المؤمنين؟ لاحتمال أن يكون المؤمنون غالبين أو مغلوبين، وهذه العبارة أخص وأصرح من المعنى من غير احتمال، فقال ابن عرفة: لنا معنى هذا، ونكفكم من القتال عن المؤمنين، فالصواب أن يقال: ونكف المؤمنين عنكم باحتمال أن يكون من السبب المتعاكس فمن امتنع منك امتنعت منه.