"وراء ما ذكره سر آخر هو المرعي، والله أعلم. وذلك أن نسبة العهد إلى الله ورسوله في مقام نسب إليه النبذ من المشركين، لا تحسن شرعا. ألا ترى إلى وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمراء السرايا حيث يقول لهم: وإذا نزلت بحصن فطلبوا النزول على حكم الله فأنزلهم على حكمك، فإنك لا تدرى أصادفت حكم الله فيهم أولا؟ وإن طلبوا ذمة الله فأنزلهم على ذمتك، فلأن تخفر ذمتك خير من أن تخفر ذمة الله. فانظر إلى أمره عليه الصلاة والسلام بتوقير ذمة الله مخافة أن تخفر وإن كان لم يحصل بعد ذلك الأمر المتوقع، فتوقير عهد الله وقد تحقق من المشركين النكث، وقد تبرأ من الله ورسوله بأن لا ينسب العهد المنبوذ إلى الله أحرى وأجدر، فلذلك نسب العهد إلى المسلمين دون البراءة منه، والله أعلم» " اهـ (الانتصاف. ٢/ ٢٤٢).