تشبيها بالرماد لوجهين، أحدها: خفيه وسرعة حرقه بالريح، والثانية: أنه لَا يثبت شيئا بخلاف التراب وجمع الرياح لتفيد شدة التفريق من جميع الجهات قوله (في يوم عاصف) من إضافة الصفة إلى الموصوف وأجازه الكوفيون وابن عرفة هل هو من إضافة الملابسة لأن العاصف الريح الهاب في اليوم لَا من صفة اليوم فأصله في يوم ريح عاصف فحذف الموصوف وأقيمت صفة مقامه فأعربت بإعرابه وهذا جائز عند الجميع، قوله: ذلك هو الضلال البعيد الإشارة إما لعملهم أو إلى الخيبة التي تنالهم.
قرأ حمزة (خالق). ابن عرفة: وهذه أبلغ لاسيما على مذهبنا في أن العرض لَا يبقى زمانين فهو في كل زمان خالق لهما بأعراض آخر قوله تعالى: (بِالْحقِّ) الزمخشري بالحكمة والفرض الصحيح ولا يخلقهما عبثا ولا شهوة، ابن عرفة: هذا على مذهبه في أن أفعال الله معللة ومذهبنا نحن إنها غير معللة. قال: ويحتمل قوله بالحق على مذهبنا وجهين أحدهما أن خلقه واختراعه لها حق ولا شك فيه، والثاني: أن المراد بذلك كونها مستعملة على الحق وهو الشرائع التي جاءت بها الرسل لأنها كائنة فيها.
قوله تعالى:(إِنَّ يَشَأْ يُذْهِبْكُم).
فيه الحذف من الأول لدلالة الثاني أي إن شاء إذهابكم والإتيان بغيركم يذهبكم ويأت بخلق جديد وفيه دليل على أن [العدم*] الإضافي مقدور لله تعالى لأنه مراد وكل مراد مقدور وهو مذهب أكثر أهل السنة، وقال القاضي أبو بكر الباقلاني: إنه غير مقدور أما العدم المطلق فلا خلاف أنه غير مقدوم.
الزمخشري: أي بمتعذر، ابن عرفة: إنما معناه ينحصر أعني ليس بصعب لأن ما قال الزمخشري: [يحتمل*] فيه التكرار؛ لأن قوله (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبكُمْ) أفاد أنه ممكن فإِذا كان ممكنا [فهو غير متعذر*].
(فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا) هكِذا في سورة غافر وقال في سورة سبأ (يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ) فعبر عن الضعف بالاسم وفي سبأ بالفعل، قال وأجيب: بأن الاسم يقتضي الثبوت وكلما ثبت للأخص ثبت للأعم فإذا كان مطلق الاستنكار يمنع من إيمان من اتصف بأخص الضعف فأحرى إن يمنع من الإيمان من اتصف بأعمه، وأما في السورة سبأ المراد فيها تبعية من اتصف بمطلق الضعف لمن اتصف بمطلق الضعف فأحرى أن لَا ينفع لمن اتصف بأخص ولا ينعكس.