للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[تهكما بهم*]، قالوا: وذو القرنين إما اسم علم له أو صفة، وذكروا فيه وجوها:

إما أنه ضرب في القرن الأيمن من رأسه جرحا ومات بسببه؛ فأحياه الله، فضرب في قرنه الأيسر جرحا فمات؛ فأحياه الله.

وحكى ابن عطية، عن علي: أنه ملك، وعن عمر: أنه ليس بنبي ولا ملك، وحكى الزمخشري العكس سواء.

قوله تعالى: (قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا).

ولم يقل: إن شاء الله مع أنه أمر بأن لَا يقول الشيء إني فاعله غدا إلا أن يشاء الله، واكتفى بذكره ذلك هناك عن حكاية هنا، والآية على تقدير مضاف إما أولا وآخرا فإن قدرته.

قلت؛ ويسألونك عن حال ذي القرنين، فيعود الضمير في قوله تعالى: (عَلَيْكُم مِنْهُ ذِكْرًا) على حاله، وإن لم يقدره أولا فيحتاج إلى تقديره آخرا؛ أي سأتلوا عليكم من خبره ذكرا، وتنوين (ذِكْرًا) إما للتقليل إشارة إلى عظم حاله، وإلا لم ينكر إلا أقله للتعظيم، وأن النفي ذكر منه، وإن قل فهو عظيم في ذاته، قال تعالى في قصة أهل الكهف (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ)، ولم يقل: من نبأهم، وقال تعالى (قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا)؛ لأن قصة أهل الكهف منحصرة، وأمر هذا الرجل غير منحصر.

قوله تعالى: {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ ... (٨٤)}

ابن عرفة: إن كان أمر تبليغ هذا اللفظ فيكون حكاية لكلام الله تعالى: أي قل لهم إنا مكنا له في الأرض، وإن كان من كلام الله فيكون شبه التفات، وإلا كان يقال: إن الله مكن له في الأرض.

قوله تعالى: (وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ).

إن كان نبيا فيكون المراد العموم في الأنواع والتبعيض في إعادتها؛ فأدنى بعض كل نوع؛ لأن النبي لا يصد عنه شيء.

قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ... (٨٦)}

[لا أنها تغرب فيها حقيقة*]؛ لأن العين جزء من الأرض، والشمس أكبر من الأرض بكثير فكيف يغرب الجرم الكبير في الصغير؟ فالمراد أن ذلك المحل رآها منه حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>