للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السين للاستقبال أو التحقيق، فإِن قلت: هلا قال: (الْمُخَلِّفُونَ) لأن العبارة باسم الفاعل أبلغ في الذم؟ والجواب: أنه قصد التنبيه على الاستغناء عنهم، وأن الله تعالى خلقهم، كما قال تعالى (وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ) وإن كان التخلف في ظاهر الحال منهم فهو في الباطن منسوب إلى المؤمنين بمعنى أنهم تركوهم ولم ينالوهم.

قوله تعالى: (يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ).

فيه سؤالان:

الأول: قال في آل عمران: (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) قلب القول للأفواه كما لا لَلألسنة؟ فالجواب: أن قولهم هنالك أكثر وأعظم وأشنع لأنهم قالوا: (لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ)، وبدليل قول الله تعالى: (وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكتُمُونَ) فدل على كثرة قولهم، فنسب الكثير للأفواه إذ هي أوسع من الألسنة.

الثاني: قالوا يؤخذ من الآية الرد على إمام الحرمين، في قوله:

إن الْكَلَام فِي [الْفُؤَاد*] وَإِنَّمَا ... جعل اللّسانُ على الْفُؤَاد دَلِيلا

وردوا عليه بأن ابن العربي إنما يحتج بقوله: فيما ينطق فيه بطبعه من رفع ونصب وخفض، أما ما يحكم فيه فلا، وأجيب: بأن هذا حكم على اللغة والعربي إذا تكلم بكلمة ويقول: معناها عندي كذا، فالمرجع لقوله على وجه الدليل من الآية، أن الله تعالى قال (يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) والضمير في [(لَيْسَ)] عائد على القول، فلولا أن ذلكَ القول قابل لأن يكون قال (فِي قُلُوبِهِمْ) والضمير عائد على المذكور، والمذكور إنما هو القول، قال: ونسبها لقول اللسان مع أن مخارج الحروف غير منحصرة في اللسان لكنه هو أعمها.

قوله تعالى: (إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا).

يقال: بفتح الضاد وضمها، وهما راجعان لمعنى واحد، أحدهما حسِّي والأخرى معنوي.

قوله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ ... (١٨)}

<<  <  ج: ص:  >  >>