إلا السجود المرئيِ
بالعين، فقيل: السجود ليعم المعنوي والحسي بخلاف الركوع. وجعل السجود وصفا له لأن الخشوع روح الصلاة وسرها.
قوله تعالى: {رَبِّ اجعل هذا بَلَداًءَامِناً ... }
قيل لابن عرفة: إنه دعا بصيرورته بلدا آمنا، فظاهره أنه لم يكن حينئذ بلدا فدعا (هنا بصيرورته بلدا ثم بعد حصوله بلدا دعا بما في) سورة إبراهيم؟
فقال: إنك تقول: رب اجعل هذا رجلا صالحا، فلم تدع بحصول الرجولية له بل بكونه صالحا.
قيل له/ قد ذكروا في الجواب عن معارضة الآيتين أنه لم يكن حينئذ بلدا فدعا هنا بصيرورته ثم بعد حصوله بلدا دعا بما في سورة إبراهيم؟
فقال: الظاهر أنه كان في موطنين فقال أولا: {رَبِّ اجعل هذا بَلَداًءَامِناً} ثم أعاد الدعاء في إبراهيم إما لأنه استجيب له وطلب دوام الأمن، أو تأخرت الإجابة وأعاد الدعاء تأكيدا، وإن كان ذلك منه في موطن (واحد) فيشكُل فهم الآيتين لأنه إن كان نطق به معرّفا فلِمَ حكى منكّرا، وإن قاله منكّرا فلِمَ حكي معرّفا؟ ومنهم من أجاب بانه على حذف الصفة أي اجعل هذا البلد آمنا، وخص بعض ذريته بالدعاء دون بعض إما لأنه علم أن (فيهم) الظالمين أو لأن الله أوحى إليه بذلك أو لأن هذا اسلام أخص فخصص البعض (به دون البعض).
قوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ ... }
قال: إنما فصل بين إسماعيل وإبراهيم بالمفعول (ليظهر كمال المباينة بينهما) لأن إبراهيم هو متولي البناء وهو الذي كان يضع الحجر في الحائط وإسماعيل إنما كان يناوله خاصة.
قوله تعالى: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّآ ... }
مع قوله: {رَبَّنَا واجعلنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ} دليل واضح لأهل السنة في قاعدة الكسب لأن مجرد الدعاء بقبول العمل دليل على أن العبد مستقل بفعله والدعاء (بتحصيل) الإسلام دليل على سلب القدرة على العبد فالجمع بينهما موضح لقاعدة الكسب.
قوله تعالى: {وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً مُّسْلِمَةً ... }
تقدم أن الواحد يطلق عليه «أُمَّة» وفيه تناقض كلام ابن الخطيب في المحصول.
قوله تعالى: {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا ... }
المراد به موضع الهدى، وأما النسك فيذبحه حيث شاء من البلاد.