قال الزمخشري: أي (يَدْعُوكُمْ) إلى الإيمان (لِيَغْفِرَ لَكُم) أو يدعوكم لأجل المغفرة؛ كقولك دعوته لينصرني ودعوته ليأكل معي، ابن عرفة: وجه الفرق [ ... ] والله أعلم أن قوله ليأكل معي دخلت اللام على العلة، وقوله لينصرني جعلت اللام على المدعو له بدليل إنك تعلل الأول فغفر دعوتك لتأكل إكراما لك، قيل له: وكذلك تقول دعوتك لتنصرني ثقة بك أو بشجاعتك، فقال: إنما هذا تعليل للعلة وليس تعليل الفعل المتقدم.
قوله تعالى:(مِنْ ذُنُوبِكُمْ).
قيل:(مِنْ) للتبعيض أي بعض ذنوبكم، ونقل العز بن أبي الربيع: أنه أشار إلى أن الإسلام يحيط ما قبله كقوله (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ) ورده ابن عرفة: بأنه لَا يلزم صدق الذنوب على الماضي والمستقبل لأن الخطاب للكفار، فيلزم المجاز لأن الآن لم يعلموه فكيف يصدق عليه أنه ذنوب قبل الفعل، ونقل عن ابن عصفور أنه قال:(يَغْفِرَ لَكُمْ) جملة من ذنوبكم، ورده ابن عرفة: بأن الجملة بعض الذنوب فلا حاجة إلى تقديرها ولفظة من الثانية مناب بعض يغني عنها، قلت لابن عرفة: وما المانع من كون (مِنْ) للبداية أعني للابتداء والانتهاء كقولك أخذت المال من الصندوق، فقال لَا يصح، هنا لأن الصندوق غير مأخوذ منه فيلزم هنا أن تكون الذنوب غير مغفوره.
قوله تعالى: {قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ ... (١١)}
وقال: قبله (قالت رسلهم)، فأجيب: بوجوه الأول، قال ابن عرفة: لما كان وجود الله تعالى أمرا نظريا ليس بضروري وكون الرسل مبعثهم أمرا ضروريا لَا يحتاج إلى نظر لظهوره فكأنه يقول ما قالوا هذا لأنهم لَا يغريهم لقلتهم وغباوتهم وجهلهم كما أن القائل السماء فوقنا والأرض تحتنا ما يخاطب به إلا من هو في غاية الجهل والغباوة، الجواب الثاني: قلت إما أن قوله (أَفِي اللَّهِ شَكٌّ)[خطاب لمن عاند فيه*] وهو كالمعاند في الأمر الضروري فلذلك أسقط المجرور لأن المجيب عن ذلك يجيب به من حيث الجملة، ولا يقبل بالجواب على المخاطب لغباوته عنده ومعاندته فيجيب وهو معرض عنه بخلاف قولهم (إن نحن إلا بشر مثلكم)؛ لأنه يقرر لمقالتهم ويثبت لها القول لمقالة خصمه يقبل عليه بالجواب لأنه لم يبطل كلامه بالإطلاق بل يقرره ويزيد فيه زيادات تبطل [قول خصمه*]، قلت وأجاب ابن عرفة: عن هذا مرة أخرى بأن قوله [قالت لهم][مقالة*] خاصة أو هي جواب عن قوله صدر منهم والمقالة الأولى لهم ولغيرهم.