شرعا. وعبر في الثاني ب (إذا) لأن استرضاع الولد للأجنبية (مرجوح) بالنسبة إلى إرضاع أمه.
قيل لابن عرفة: ما الفائدة في هذه الآية مع أن معناها مستفاد من قوله: {والوالدات يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ
أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرضاعة} فمفهومها أن من لم يرد الإتمام فلا جناح عليه في الفصال.
فقال: هذا جاء احتراسا لأن مفهوم تلك أن من أراد الفصال له ذلك فاقتضت الآية هذه اعتبار رضاهما معا بذلك.
فقيل: قوله لمن أراد أن يتم الرضاعة يفيد هذا لأنه إن أراد أحدهما (الفصال) وأراد الآخر الإتمام لم يتراضيا معا بالفصال؟
فقال: أفادت هذه زيادة الأمر بمشورتهما غيرهما.
قال: وقوله {تَرَاضٍ مِّنْهُمَا} ولم يقل: عن تراضيهما، ليفيد التفسير بعد الإتمام كما قال الزمخشري في قوله الله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القواعد مِنَ البيت} قوله تعالى: {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ... }.
دليل على مرجوحية الفصال لأن اللّفظ غالب استعماله في فعل المرجوح.
قوله تعالى: {إِذَا سَلَّمْتُم مَّآ آتَيْتُم بالمعروف ... }.
قرىء: «مَّآ أُتِيتُمْ».
قال ابن عرفة: وفي هذه القراءة تهييج على الأمر بالتّسليم لأن تسليم الإنسان ما لا يملك أهون عليه من تسليم ما يملك. ومعنى قوله «مَّآ آتَيْتُم» بالنّصب أن يعطي الأب (الأم) دينارا على الإرضاع
ثم يريد أن يسترضع الولد (عند) الأجنبية فلا جناح (عليهما) إذا سلم الدّينار للأم ولم يسترجعه من عندها.
قال أبو حيان: «إذا سَلّمتُم شرطٌ»، قالوا: وجوابها ما يدل عليه الشرط الأول وجوابه وذلك المعنى هو العامل في (إذا) وهو متعلق تعلق بما يتعلق به (عليكم).
أبو حيان: وظاهره خطأ لأن القول بأن العامل في (إذا) المعنى الذي يدل عليه الشرط وجوابه مع القول بأنّها تتعلق بما تعلق به (عليكم) متناف.
قال: ابن عرفة: لأنه إذا كان العامل في (إذا) ما تعلق به (عليكم) فيكون (إذا) جوابا للشرط الأول فقد قلتم إن الشرط الأول (جوابها) فيلزم التناقض.
قيل لابن عرفة: أو يريد بالتنافي أنّها إذا كان العامل فيها ما تعلق به (عليكم) يكون (إذا) ظرفا وقد جعلتموها شرطا وهذا تناقض.